للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: [وأخذ بما للآدميين] .

وذلك لأن حقوق الآدميين محفوظة لأن مبناها على المشاحة.

قال: [من نفس وطرف ومال إلا أن يعفى له عنها] .

فإن قتل أحد منهم نفساً فإنه يقتل إلا أن يفعوا الأولياء أو يقبلوا الدية.

وإن أخذوا مالاً ففيه الضمان.

وإن قطعوا طرفاً فإن الطرف يقطع إلا أن يعفى له عنها.

إذن: من تاب منهم قبل القدرة عليه فإن حق الله يسقط وأما حق الآدميين فمبنية على المشاحة.

وهل هذا الحكم خاص في حد الحرابة أم هو عام في سائر الحدود؟

قولان لأهل العلم:-

القول الأول: وهو مذهب الجمهور قالوا: هو خاص في حد الحرابة، وهو مذهب المالكية والأحناف وأحد القولين في مذهب الشافعي وهو رواية عن أحمد.

فلو أن رجلاً زنا ثم تاب قبل أن يقدر عليه ثم ثبت عليه الحكم فإن الحد يقام عليه.

ولو أن رجلاً سرق ثم تاب قبل أن يبلغ ذلك الحاكم، ثم بلغه ذلك بعد توبته فإنه يقام عليه الحد.

واستدلوا: بعمومات الأدلة: (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحدٍ منهما مائة جلدة) .

(السارق والسارقة فاقطعوا أيدهما) قالوا: وهذه العمومات تدل على أن هذا الحد لا يسقط بالتوبة.

قالوا: ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجم ماعزاً والغامدية، وكانا تائبين.

والقول الثاني: وهو مذهب الحنابلة في المشهور عندهم، وهو المعتمد في مذهب الشافعية واختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم أن الحد لا يقام عليه كحد الحرابة.

ومما استدلوا به.

القياس على حد الحرابة.

واستدلوا: بما ثبت في الصحيحين أن رجلاً قال يا رسول الله إني أصبت حداً فأقمه علي فقال: أصليت معنا، قال: نعم، فقال: قد غفر الله لك.

ولقوله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه ابن ماجه وهو حديث حسن: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) فدل على أنه مساوٍ لمن لا ذنب له، ويدخل في ذلك عدم إقامة الحد عليه.

قالوا: وأما ما استدل به أهل القول الأول: فهي عمومات مخصوصة بالأدلة التي ذكرناها.

وأما استدلالهم برجم ماعز والغامدية.

<<  <  ج: ص:  >  >>