فالجواب عنه: أنهما كانا طالبين لذلك مريدين له، ومن ثم أقامه النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهما، فإن الحد مطهر والتوبة مطهرة وهما اختارا الحد، ويدل على هذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في ماعز لما فر:"هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه" فدل على أنه لا يتعين إقامة الحد، وإنما أقامه النبي - صلى الله عليه وسلم - لاختيارهما ذلك.
وعليه فإذا اختار صاحب المعصية إقامة الحد، فإن الحاكم يقيم عليه الحد.
والراجح ما ذهب إليه الحنابلة وهو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وأن الحدود عامة تسقط بالتوبة.
وأصح القولين وهما أحد الوجهين في مذهب أحمد، أنه لابد أن يظهر منه ما يدل على صدق التوبة من صلاح العمل.
ويدل على هذا قوله تعالى:(فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه) فقال سبحانه: "وأصلح" فدل على أن التوبة لابد أن يظهر ما يدل عليها فليس مجرد اقلاعه كافياً أو ندمه لأن هذا أي الندم لا يعلم فهو أمر قلبي، بل لابد أن يظهر عليه من صلاح العمل وظهور الاستقامة ما يدل على توبته.
قال:[ومن صال على نفسه أو حرمته أو ماله آدمي أو نهبه فله الدفع عن ذلك] .
فمن صال على نفسه أو حرمته أي حريمه أو ماله آدمي أو نهبه فله الدفع عن ذلك.
ففي الصحيحين أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:(من قتل دون ماله فهو شهيد) .
وقال: كما في الترمذي وصححه وهو كما قال: (من قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد) .
وثبت في مسلم أن رجلاً قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرأيت إن أراد رجل مالي ليأخذه، قال، فلا تعطه، قال: فإن قاتلني، قال قاتله، قال: فإن قتلني قال: فأنت شهيد قال: فإن قتلته قال، فهو في النار) .
فهذا يدل على أن القاتل يدفع.
وهنا ذكر المؤلف أن له الدفع، وقال بعد ذلك:[ويلزمه الدفع عن نفسه وحرمته دون ماله] .