فأحكام الوعيد من القتل في الدنيا، واستباحة المال والسبي، ومن أحكام الآخرة وهي التخليد في نار جهنم هذه أحكام الوعيد المترتبة على الكفر فهذه لا تترتب على العبد حتى تقوم عليه حجة الله عز وجل على عباده التي بعث بها رسوله - صلى الله عليه وسلم - قال تعالى:((وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً)) .
فالله لا يعذب في الآخرة ولا يأذن بالعذاب في الدنيا بالقتل والسبي واستباحة المال، حتى تقوم حجة الله تعالى على العباد.
وهذه اللفظة المتقدمة من كلام شيخ الإسلام تدل على أن عامة كلامه في هذا الباب يريد به أحكام الوعيد وأن أحكام الوعيد على الكفر لا تترتب على الشخص المعين حتى تقوم عليه حجة الله على العباد.
وهنا مسألتان:
المسألة الأولى:
أن حجة الله على العباد، كما قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله قائمة بالقرآن فمن بلغه فقد بلغته حجة الله عز وجل قال تعالى:((لينذركم به ومن بلغ)) وقال: ((لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل)) .
المسألة الثانية:
أنه لا يشترط في إقامة الحجة هنا فهمها، ففهم الحجة نوع وشيء، وإقامتها نوع وشيء آخر كما بين هذا الإمام محمد وغيره يتبين هذا، أن الله سبحانه وتعالى قد كفر من دعاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام، مع أنه أخبر أنه قد جعل على قلوبهم أكنة أن يفقهوه، فقال تعالى:((أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً)) .
فكونهم لا يفهمون حجة الله عز وجل هذا لا يعذرهم عند الله عز وجل بل متى ما قامت عليهم الحجة بحيث يفقهونها ويفهمونها لكنهم لم يفهموها ولم يفقهوها فإن الحجة قائمة عليهم بذلك.
نعم لو أبلغ أعجمي القرآن لم تقم عليه بذلك حجة الله عز وجل أما من كان يعرف لغة العرب ويفهم القرآن لكنه لم يفهم حجة الله عز وجل بسبب ما ران على قلبه ذلك ليس بعذر عند الله عز وجل.