ويدل عليه كلام أهل العلم عامة فإنهم إنما يذكرون التعريف ويذكرون بيان الحجة، ولا يذكرون فهمها بل بمجرد ما تبين له الحجة ويعرف فإنه يقتل كما قرر أهل العلم في مسائل كثيرة من هذا الباب وأنهم يعرفون بالحق فإن رجعوا وإلا اقتلوا ولا يشترطون أن يعرف الحق ثم يعاند.
كما وقع لقدامة بن مظعون رضي الله عنه، ومن معه ممن أباح الخمر واستدل بقوله تعالى:((ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات)) ، فكانت هذه الآية شبهة لهم فاتفق الصحابة كعمر وعلي بن أبي طالب أنهم يعرفون بالحق فإن تابوا وإلا قتلوا، فلم يكفروهم ابتداءً لأجل هذه الشبهة.
وأما الحكم على الشخص بالكفر الذي لا تترتب عليه أحكام الوعيد، فهذا شيء آخر.
بمعنى: كون الرجل يحكم عليه بالكفر الذي لا يترتب عليه أحكام الوعيد في الدنيا والآخرة من قتل وسبي واستباحة مال وتخليد في نار جهنم فهذا شيء آخر وفي بعض أجوبة أئمة الدعوة النجدية كإجابة الشيخ عبد الله وحسين ابني الشيخ محمد بن عبد الوهاب فيمن عرف بفعل الشرك ومات على ذلك.
فقال: إنه إذا كان الأمر كذلك أي عرف بفعل الشرك بالله تعالى: فإن الظاهر منه أنه قد مات على الكفر، وعليه فلا يستغفر له ولا يضحى عنه.
أما في حقيقة الأمر فإن كانت قد قامت عليه حجة الله على عباده فهو كافر في الظاهر والباطن.
وأما إن لم تقم عليه حجة الله على عباده فأمره إلى الله تعالى، فهنا في هذه الفتوى بينوا أن هناك كفراً في الظاهر وأن هناك كفراً في الظاهر والباطن.
أما الكفر الذي يكون كفراً في الظاهر والباطن فهو الذي تترتب عليه أحكام الوعيد في الدنيا والآخرة فهو من قامت عليه حجة الله على عباده فهذا يستباح ماله ودمه ويخلد في نار جهنم.