وفي الصحيحين أن معاذ بن جبل قال في رجل أسلم ثم تهود: لا أجلس حتى يقتل، قضاء الله ورسوله فأمر به فقتل".
وأما ما في أبي داود من أنه كان قد استتيب قبل ذلك فهذا من فعل أبي موسى الأشعري وليس في الأثر أن معاذا استفصل عن ذلك أي لم يقل هل استتبتموه أم لا؟
هذا من الأثر:
وأما من النظر: فيدل على ذلك أن الكافر المحارب للإسلام إذا بلغته الشريعة الإسلامية فقامت عليه حجة الله على عباده فإنه لا تجب استتابته عند إرادة قتله.
وهذا هو القول الراجح وأن استتابته لا تجب لكن إذا كان لم تبلغه الحجة فحينئذ لابد أن يعرف وذلك لقوله تعالى: ((وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً)) وأحكام الوعيد على الكفر في الدنيا والآخرة لا تثبت إلا بعد إقامة الحجة قال تعالى: ((وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً)) .
لكن إذا علمنا أن الحجة قد قامت عليه فهل يجب علينا أن نكررها عليها استتابة له أم لا؟ هنا الخلاف.
[فإن لم يسلم قتل بالسيف] لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - (إذا قتلتم فأحسنوا القتلة) والقتلة بالسيف قتلة حسنة.
قال: [ولا تقبل توبة من سب الله أورسوله] .
ليس كلام المؤلف هنا في التوبة في الباطن، فإنها تقبل توبته إذا كان صادقاً، تقبل فيما بينه وبين الله عز وجل، فلا إشكال في أن كل من تاب من ذنب فإن الله يقبل توبته.
لكن إذا أتينا برجل قد سب الله أو رسوله لنقتله فقال: تبت فهل تقبل توبته؟.
الجواب: لا تقبل توبته.
فقد تقدم أن المشهور في المذهب أن من ارتد فإنه يستتاب ثلاثاً فإن تاب، وإلا قتل لكن استثنى المؤلف مسائل.
فهنا: من سب الله أو رسوله، فهذا لا تقبل توبته، أي في الظاهر وهذا لعظيم اعتدائه.
ويتوجه عندي أن يقال: إن هذا يدل على نفاقه وزندقته وسيأتي الكلام على الزنديق أو المنافق.
قال: [ولا من تكررت ردته بل يقتل بكل حال] .