للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك: قد يتراجع بعضهم عن الشهادة حيث كانت شهادة زور، فإذا رأى أن الحكم يثبت وأن القاضي يصدع الآن بالحكم فإنه قد يتراجع عن هذه الشهادة

وهذا من باب الاستحباب لان شهادتهم قد أدوها قبل ذلك وضبطت عند القاضى.

قال:] ولا ينفذ حكمه لنفسه [

بلا نزاع

قال:] ولا لمن لا تقبل شهادته له [

كذلك لا ينفذ حكمه فيمن لا تقبل شهادته له كأبيه او أخيه.

قالوا: قياسا على الشهادة لأن الحكم يتضمن الشهادة، فإن القاضي يقول " أشهد أن الحكم في المسألة كذا " فلما كان الحكم متضمناً للشهاده لم ينفذ حكمه في نفسه ولا فيمن تقبل شهادته له ولا فيمن لا تقبل شهادته عليه كالعدو، وإن كان حكمه ظاهر القبول حيث حكم لعدوه وذلك لزوال التهمة، لكن لو حكم عليه فإنه لا يقبل.

إذن: لا ينفذ حكمه لنفسه بلا نزاع.

ولا ينفذ حكمه فيمن لا تقبل شهادته له – وهو مذهب الجمهور.

وعن الامام احمد وهو قول ابى بكر عبد العزيز من الحنابلة: أن حكمه يقبل، فإذا قضى في مسألة بين أبيه وبين أجنبيي، فقضى لابيه على الخصم فإن الحكم ينفذ ويقبل.

وفي هذا القول قوة، لأن الأصل في القاضي البعد عن التهمة.

وكونه شاهداً ليس ككونه قاضاً، فان كونه قاضاً هو بمنزلة النائب عن الامام الذي يقرر شرع الله ويلزم به الناس فهو في محل ينبغى ألا يتهم فيه وإن حكم لأبيه وإن حكم لأخيه بل وإن حكم لنفسه، لكن الحكم للنفس لا شك انه أبعد من الحكم للغير.

ومع ذلك فالاحوط الا يقضى لنفسه ولا يقضى لمن لا تقبل شهادته له.

لكن لو رضى الخصم، فقال: أنا أرضى بقضائك وان كنت أنت خصمى " او وإن كان أبوك خصمي، لعلمي انك لا تقضى إلا بالحق فحينئذ لا إشكال في صحه القضاء ونفوذه – وذلك لأن الحق له فأسقطه.

اذن المشهور عند الفقهاء آن حكم القاضي لنفسه لا ينفذ وأن حكمه لمن لا تقبل شهادته له كذلك لا ينفذ.

أما حكمه على نفسه او على من لا تقبل شهادته له فهذا ظاهر القبول.

<<  <  ج: ص:  >  >>