للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومثله ما روى الترمذي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال: (إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحدر واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله والشارب من شربه والمعتصر لقضاء الحاجة ولا تقيموا حتى تروني) (١) ، والحديث فيه عبد المنعم صاحب السقاء وهو منكر الحديث، فالحديث لا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

فعلى ذلك: العلة التي تقدم ذكرها هي: أصل الاستدلال في هذه المسألة، فالأذان شرع للإعلام، فناسب أن يكون هناك فترة زمنية يتمكن بها الخارجون عن المسجد بعد سماعهم للنداء من الوضوء ونحوه مما يحتاجون إليه، وهذا بقدر عشر دقائق ونحوها، وهذا ليس خاصاً بصلاة المغرب بل فيها وفي غيرها، لكن غيرها أوسع منها لأمرين:

الأمر الأول: ثبوت الصلاة الراتبة فيها، لاسيما الفجر والظهر، بخلاف العصر فإنها شبيهة بالمغرب من هذا الوجه حيث لا سنة راتبة فيها، وإنما السنة الواردة في العصر والمغرب ليست براتبة.

الأمر الآخر: أن الصلوات الأخرى أوسع منها وقتاً.

ثم إن كثيراً من هذه الصلوات تكون غالباً بعد عمل الناس، فربما احتاجوا إلى وقت أوسع من ذلك، لذا الوقت بين أذان المغرب والإقامة يكون أقل من غيرها من الصلوات.

أما الصلوات الأخرى فإنه يزاد عن هذا الوقت بقدر الحاجة، فإن صلاة الفجر تكون بعد النوم فيحتاج ذلك إلى مزيد من الوقت للاستعداد لصلاة الفجر، وربما احتاج إلى غسل أو إحضار ماء وتسخينه ونحو ذلك مما يحتاج إليه، وكذلك صلاة العصر.


(١) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الترسل في الأذان (١٩٥) قال: " حدثنا أحمد بن الحسن، حدثنا المعلى بن أسَد حدثنا عبد المنعم، هو صاحب السِّقَاء، قال حدثنا يحيى بن مُسْلم عن الحسن وعطاء، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال: (يا بلال إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحدر، واجعل بين أذانك وإقامتك قدر..) .