للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كيف والحديث المتقدم عام في النفل كما هو عام في الفرض.وهذا هو الراجح، أن النفل والفرض يجب أن يستر عاتقيه فيهما.

المسألة الثانية: قوله " ومع أحد عاتقيه ":

فلا يجب عليه أن يستر العاتقين، فإذا اكتفى بستر أحدهما أجزأه. هذا هو المشهور في المذهب.

وعن الإمام أحمد واختاره طائفة من أصحابه كالقاضي وغيره: أنه لا يجزئه إلا أن يستر العاتقين كليهما. وهذا القول أظهر؛ لقوله في الحديث المتقدم (ليس على عاتقيه منه شيء) ، فظاهره أنه فرض في العاتقين كليهما.

وقد ثبت في الصحيحين عن عمرو بن سلمة (١) قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في ثوب واحد مشتملاً به في بيت أم سلمة واضعاً طرفيه على عاتقيه) (٢) . هذا هو فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -.

إذاً: يجب عليه أن يغطي عاتقيه في الفرض والنفل على الصحيح في المذهب.

والجمهور على أن ذلك سنة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الثوب: (إن كان واسعاً فالتحف به وإن كان ضيقاً فاتزر به) (٣) ، وإذا اتزر به وشده على حقويه فإنه لا ينال العاتقين منه شيء.

والجواب على هذا أن يقال: إن هذا الحديث عند الضرورة، فإنه ليس عنده إلا ثوب واحد فيتزر به لضيقه، وإن كان واسعاً فإنه يلتحف به , فظاهر هذا الحديث وجوب تغطية المنكبين كليهما، لقوله (إن كان واسعاً فالتحف به) ، وحقيقة الالتحاف أن يغطي به بدنه كما يوضع الجلباب ونحوه على البدن.

فالراجح ما ذهب إليه الحنابلة من الوجوب، ولكن هل هو واجب فقط أم هو واجب لا تصح الصلاة إلا به؟


(١) في صحيح البخاري ومسلم: عمرو بن أبي سلمة، كما سيأتي.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفا به (٣٥٦) (٣٥٥) (٣٥٤) ، وأخرجه مسلم (٥١٧) في آخر باب من كتاب الصلاة وهو باب (٥٢) الصلاة في ثوب واحد.. .
(٣) متفق عليه، وقد تقدم.