للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصحيح أنه لا يشرع الإسراع مطلقاً، ودليل هذا ما ورد في رواية مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى صلاة فهو في صلاة) (١) فدل ذلك على أن المشي إلى المساجد صلاة، ولا يشرع في هذه الصلاة إلا أن يمشي بسكينة ووقار سواء كان يدرك بإسراعه تكبيرة الإحرام أو لا، وسواء كانت تفوته الجماعة إن لم يسرع أو لا تفوته.

فالعلة – من عدم الإسراع - هي أنه في صلاة فلا يشرع له أن يسرع.

قال رحمه الله: (يسن القيام عند " قد " من أقامها)

أي عند قوله: (قد قامت الصلاة) كما صرح بذلك صاحب المغني وغيره – وهذا إذا كان الإمام في المسجد يراه المأمومون.

هذا هو المشهور في المذهب – قالوا: لأن قوله (قد قامت الصلاة) خبر بمعنى الأمر، أي قوموا إليها وانتصبوا قائمين لأدائها، وهذا المشهور في المذهب وهو مروي عن ابن عمر كما في مصنف عبد الرزاق (٢) ، وعن أنس كما عند ابن المنذر (٣) .

والمذهب الثاني: أن المشروع أن يقوم إذا انتهى المقيم من إقامته، وهذا مذهب الشافعية (٤) .

والقول الثالث، وهو مروي عن طائفة من التابعين كعمر بن عبد العزيز وسالم بن عبد الله بن عمر والزهري: أن المشروع أن يقوم عند أول شروع المقيم بالإقامة.


(١) أخرجه مسلم في كتاب المساجد، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا (٦٠٢) .
(٢) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، باب قيام الناس عند الإقامة، برقم (١٩٤٠) [١ / ٥٠٦] قال عبد الرزاق: عن إبراهيم بن محمد، عن محمد بن عبيد الله، عن عطية قال: كنا جلوساً عند ابن عمر فلما أخذ المؤذن في الإقامة قمنا، فقال ابن عمر: اجلسوا فإذا قال: قد قامت الصلاة فقوموا ".
(٤) قال في المنهاج: " ولا يقوم حتى يفرغ المؤذن من الإقامة "، مغني المحتاج [١ / ٥٠٠] .