والاختيار في الرواية أن يروي الخبر بلفظه لقوله صلى الله عليه وسلم:"نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها ثم أداعها" كما سمع: "رب حامل أفقه منه" فإن أورد الرواية بالمعنى نظرت فإن كان ممن لا يعرف معنى الحديث لم يجز لأنه لا يؤمن أن يغير معنى الحديث وإن كان ممن يعرف معنى الحديث نظرت فإن كان ذلك في خبر محتمل لم يجز أن روي بالمعنى لأنه ربما نقل بلفظ لا يؤدي مراد الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يجوز أن يتصرف فيه وإن كان خبرا ظاهرا ففيه وجهان: من أصحابنا من قال: لا يجوز لأنه ربما كان التعبد باللفظ كتكبير للصلاة. والثاني: أنه يجوز وهو الأظهر لأنه يؤدي معناه فقام مقامه ولهذا روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا أصبت المعنى فلا بأس".
فصل
والأولى أن يروى الحديث بتمامه فإن روي البعض وترك البعض لم يجز ذلك على قول من يقول إن نقل الحديث بالمعنى لا يجوز وأما على قول من قال إن ذلك جائز فقد اختلفوا في هذا. فمنهم من قال: إن كان قد نقل ذلك هو أو غيره بتمامه مرة جاز أن ينقل البعض وإن لم يكن قد نقل ذلك لا هو ولا غيره لم يجز، ومنهم من قال: إن كان يتعلق بعضه ببعض لم يجز فإن كان الخبر يشتمل على حكمين لا يتعلق أحدهما بالآخر جاز نقل أحد الحكمين بترك الآخر وهو الصحيح، ومن الناس من قال: لا يجوز بكل حال والدليل على الصحيح هو أنه إذا تعلق بعضه ببعض كان في ترك بعضه تقرير لأنه ربما عمل بظاهره فيخل بشرط من شروط الحكم وإذا لم يتعلق بعضه ببعض فهو كالخبرين يجوز نقل أحدهما دون الآخر.