اعلم أن الحكم هو الذي تعلق على العلة من التحليل والتحريم والإسقاط وهو على ضربين مصرح به ومبهم.
فالمصرح به أن نقول: فجاز أن يجب أو فوجب أن يجب وما أشبهه ذلك والمبهم على أضرب منها أن نقول فأشبه كذا فمن الناس من قال: إن ذلك لا يصح لأنه حكم مبهم ومنهم من قال: إنه يصح وهو الأصح لأن المراد به فأشبه، كذا في الحكم الذي وقع السؤال عنه وذلك حكم معلوم بين السائل والمسؤول فيجوز أن يمسك عن بيانه اكتفاء بالعرف القائم بينهما ومنها أن يعلق عليها التسوية بين حكمين كقولنا في إيجاب النية في الوضوء إنه طهارة فاستوى جامدها ومائعها في النية كإزالة النجاسة ومن أصحابنا من قال: إن ذلك لا يصح لأنه يريد به التسوية بين المائع والجامد في الأصل في إسقاط النية وفي الفرع في إيجاب النية وهما حكمان متضادان، والقياس أن يشتق حكم الشيء من نظيره لا من ضده ونقيضه ومنهم من قال: إن ذلك يصح وهو الصحيح لأن حكم العلة هو التسوية بين المائع والجامد في أصل النية والتسوية بين المائع والجامد في النية موجود في الأصل والفرع من غير اختلاف، وإنما نظهر الاختلاف بينهما في التفصيل وليس ذلك حكم علته؛ ومنها أن يكون حكم العلة إثبات تأثير لمعنى مثل قولنا: في السواك للصائم أنه تطهير يتعلق بالفم من غير نجاسة، فوجب أن يكون للصوم تأثير فيه كالمضمضة فهذا يصح لأن للصوم تأثيرا في المضمضة وهو منع المبالغة كما أن للصوم تأثيرا في السواك وهو في المنع منه بعد الزوال وإن كان تأثيرهما مختلفا واختلافهما في كيفية التأثير لا يمنع صحة الجمع لأن الغرض إثبات تأثير الصوم في كل واحد منهما وقد استويا في التأثير فلا يضر اختلافهما في التفصيل.