[باب القول في شرع من قبلنا وما ثبت في الشرع ولم يتصل بالأمة]
اختلف أصحابنا في شرع من قبلنا على ثلاثة أوجه: فمنهم من قال: ليس بشرع لنا. ومنهم من قال: هو شرع لنا إلا ما ثبت نسخه. ومنهم من قال: شرع إبراهيم صلوات الله عليه وحده شرع لنا دون غيره. ومنهم من قال: شرع موسى شرع لنا إلا ما نسخ بشريعة عيسى صلوات الله عليه. ومنهم من قال: شريعة عيسى صلى الله عليه وسلم شرع لنا دون غيره.
وقال الشيخ الإمام رحمه الله ونور ضريحه: والذي نصرت في التبصرة أن الجميع شرع لنا إلا ما ثبت نسخه والذي يصح الآن عندي أن شيئا من ذلك ليس بشرع لنا، والدليل عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرجع في شيء من الأحكام ولا أحد من الصحابة إلى شيء من كتبهم ولا إلى خبر من أسلم منهم، ولو كان ذلك شرعا لنا لبحثوا عنه ورجعوا إليه ولما لم يفعلوا ذلك دل ذلك على ما قلناه.
فصل
ما ورد به الشرع أو نزل به الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يتصل بالأمة من حكم مبتدأ أو نسخ أمر كانوا عليه فهل يثبت ذلك من حق الأمة فيه وجهان. من أصحابنا من قال: إنه يثبت في حق الأمة فإن كانت في عبادة وجب القضاء، ومنهم من قال: لا يجب القضاء وهو الصحيح لأن القبلة قد حولت إلى الكعبة وأهل قباء يصلون إلى بيت المقدس فأخبروا بذلك وهم في الصلاة، فاستداروا ولم يؤمروا بالإعادة فلو كان قد ثبت في حقهم ذلك لأمروا بالقضاء.