ويعتبر في صحة الإجماع اتفاق جميع علماء العصر على الحكم فإن خالف بعضهم لم يكن ذلك إجماعا ومن الناس من قال: إن كان المخالفون أقل عددا من الموافقين لم يعتد بخلافهم. وقال: بعضهم إن كان المخالفون عدد لا يقع العلم بخبرهم لم يعتد بهم ومن الناس من قال: إذا أجمع أهل الحرمين مكة والمدينة والمصرين والبصرة والكوفة لم يعتد بخلاف غيرهم وقال مالك: إذا اجتمع أهل المدينة لم يعتد بخلاف غيرهم وقال الأبهري من أصحابه إنما أراد به فيما طريقه الأخبار كالأجناس والصاع. وقال بعض أصحابه: إنما أراد به الترجيح بنقلهم وقال بعضهم إنما أراد به في زمن الصحابة والتابعين وتابعي التابعين. وقال بعض الفقهاء: إذا أجمع الخلفاء الأربعة رضوان الله عليهم لم يعتد بغيرهم وقال الرافضة إذا قال علي كرم الله وجهه شيئا لم يعتد بغيره والدليل على فساد هذه الأقاويل أن الله سبحانه إنما أخبر عن عصمة جميع الأمة فدل على جواز الخطأ على بعضهم.
فصل
ويعتبر في صحة الإجماع اتفاق كل من كان من أهل الاجتهاد سواء كان مدرسا مشهورا أو خاملا مستورا وسواء كان عدلا أمينا أو فاسقا متهتكا لأن المعول في ذلك على الاجتهاد والمهجور كالمشهور والفاسق كالعدل في ذلك.
فصل
ولا فرق بين أن يكون المجتهد من أهل عصرهم أو لحق بهم من العصر الذي بعدهم وصار من أهل الاجتهاد وعند الحادثة كالتابعي إذا أدرك الصحابة في حال حدوث الحادثة وهو من أهل الاجتهاد ومن أصحابنا من قال: لا يعتد بقول التابعين مع الصحابة والدليل على ما قلناه هو أن سعيد بن المسيب والحسن وأصحاب عبد الله بن مسعود كشريح والأسود وعلقمة كانوا يجتهدون في زمن الصحابة ولم ينكر عليهم أحد ولأنه من أهل الاجتهاد عند حدوث الحادثة فاعتد بقوله كأصاغر الصحابة.