فأما إذا اختلفت الصحابة في مسألتين على قولين فقالت طائفة فيهما بالتحليل وقالت طائفة فيهما بالتحريم ولم يصرحوا بالتسوية بينهما في الحكم جاز للتابعي أن يأخذ في إحدى المسألتين بقول طائفة وفي المسألة الأخرى بقول الطائفة الأخرى فيحكم بالتحليل في إحدى المسألتين وبالتحريم في المسألة الأخرى. ومن الناس من زعم أن هذا إحداث قول ثالث وهذا خطأ لأنه وافق في كل واحد من المسألتين فريقا من الصحابة. وأما إذا صرح الفريقان بالتسوية بين المسألتين فقال أحد الفريقين الحكم فيهما واحد وهو التحريم وقال الفريق الآخر الحكم فيهما واحد وهو التحليل وأخذ بقول فريق في أحدهما وبقول فريق في الآخر فقال شيخنا القاضي أبو الطيب رحمه الله يحتمل أن يجوز ذلك لأنه لم يحصل الإجماع على التسوية بينما في حكم الأول أصح لأن الإجماع قد حصل من الفريقين على التصريح بالتسوية بينهما فمن فرق بينهما فقد خالف الإجماع وذلك لا يجوز.