الأوقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما لم ينقل دل على أنه ليس بتوقيف.
فصل
وإذا قلنا بقوله القديم وأنه حجة قدم على القياس ويلزم التابعي العمل به ولا يجوز له مخالفته وهل يخص العموم به فيه وجهان: أحدهما يخص به لأنه إذا قدم على القياس فتخصيص العموم أولى. والثاني: لا يخص به لأنهم كانوا يرجعون إلى العموم ويتركون ما كانوا عليه فدل على أنه لا يجوز التخصيص به. وإذا قلنا أنه ليس بحجة فالقياس مقدم عليه ويسوغ للتابعي مخالفته، وقال الصيرفي إن كان معه قياس ضعيف كان قوله مع القياس الضعيف أولى من قياس قوي، وهذا خطأ لأن قوله ليس بحجة، والقياس الضعيف ليس بحجة، فلا يجوز أن يترك بمجموعهما قياس هو حجة.
فصل
فأما إذا اختلفوا على قولين بنيت على القولين في أنه حجة أو ليس بحجة، فإذا قلنا أنه ليس بحجة لم يكن قول بعضهم حجة على البعض ولم يجز تقليد واحد في الفريقين بل يجب الرجوع إلى الدليل وإذا قلنا إنه حجة فيهما فهما دليلان تعارضا فيرجح أحد القولين على الآخر بكثرة العدد فإذا كان على أحد القولين أكثر أصحابه وعلى القول الآخر الأقل قدم ما عليه الأكثر لقوله صلى الله عليه وسلم:"عليكم بالسواد الأعظم" فإن استويا في العدد قدم بالأئمة فإن كان على أحدهما إمام وليس على الآخر قدم الذي عليه الإمام لقوله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي" فإن كان على أحدهما الأكثر وعلى الآخر الأقل إلا أن مع الأقل إماما فهما سواء لأن مع أحدهما زيادة عدد ومع الآخر إماما فتساويا وإن استويا في العدد والأئمة إلا أن في أحدهما أحد الشيخين وفي الآخر غيرهما ففيه وجهان أحدهما أنهما سواء لقوله صلى الله عليه وسلم: "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم" والثاني أن الذي فيه أحد الشيخين أولى لقوله صلى الله عليه وسلم: "اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر " فخصهما بالذكر.