للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل

وكذلك هو حجة في الشرعيات وطريق لمعرفة الأحكام ودليل من أدلتها من جهة الشرع. وقال أبو بكر الدقاق: هو طريق من طرقها يجب العمل به من جهة العقل والشرع وذهب النظام والشيعة وبعض المعتزلة البغداديين إلى أنه ليس بطريق للأحكام الشرعية، ولا يجوز ورود التعبد به من جهة العقل وقال داود وأهل الظاهر: يجوز أن يرد التعبد به من جهة العقل إلا أن الشرع ورد بحظره والمنع منه والدليل على أنه لا يجب العمل به من جهة العقل أن تعليق تحريم التفاضل على الكيل أو الطعم في العقل ليس بأولى تعليق التحليل عليهما ولهذا يجوز أن يرد الشرع بكل واحد من الحكمين بدلا عن الآخر، وإذا استوى الأمران في التجويز بطل أن يكون العقل موجبا لذلك. وأما الدليل على جواز ورود التعبد به من جهة العقل هو أنه إذا جاز أن يحكم في الشيء بحكم لعلة منصوص عليها جاز أن يحكم فيه بعلة غير منصوص عليها وينصب عليها دليلا يتوصل به إليها ألا ترى أنه لما جاز أن يؤمر من عاين القبلة بالتوجه إليها جاز أيضا أن يؤمر من غاب عنها أن يتوصل بالدليل أليها وأما الدليل على ورود الشرع به ووجوب العمل فإجماع الصحابة.

وروي أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان إذا ورد عليه حكم نظر في كتاب الله عز وجل ثم في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم يجد جمع رؤساء الناس فاستشارهم فإذا اجتمع رأيهم على شيء قضى به وكتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رحمه الله في الكتاب الذي اتفق الناس على صحته: الفهم الفهم فيما أدى إليك مما ليس في قرآن ولا سنة ثم قس الأمور عند ذلك. وقال لعثمان رضي الله عنه: إني رأيت في الجد رأيا فاتبعوني فقال له عثمان إن نتبع رأيك فرأيك رشيد وإن نتبع رأي من قبلك فنعم ذا الرأي كان.

وقال علي كرم الله وجهه: كان رأيي ورأي أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أن لا تباع أمهات الأولاد ورأيي الآن أن يبعن فقال له عبيدة السلماني: رأي

<<  <   >  >>