للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما يقتضيه هذا الكتاب إن شاء الله تعالى فأقول وبالله التوفيق: إن القياس على ثلاثة اضرب: قياس علة. وقياس دلالة. وقياس شبه.

فأما قياس العلة: فهو أن يرد الفرع إلى الأصل بالبينة التي علق الحكم عليها في الشرع، وقد يكون ذلك معنى يظهر وجه الحكمة فيه للمجتهد كالفساد الذي في الخمر وما فيها من الصد عن ذكر الله عز وجل وعن الصلاة وقد يكون معنى استأثر الله عز وجل بيانه فيه بوجه الحكمة كالطعم في تحريم الربا والكيل وهذا الضرب من القياس ينقسم قسمين جلي وخفي.

فأما الجلي فهو ما لا يحتمل إلا معنى واحدا وهو ما ثبتت علّيته بدليل قاطع لا يحتمل التأويل وهو أنواع بعضها أجلى من بعض فأجلاها ما صرح فيه بلفظ التعليل كقوله تعالى: {كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} ١. وكقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما نهيتكم لأجل الدافة" فصرح بلفظ التعليل ويليه ما دل عليه التنبيه من جهة الأولى كقوله تعالى: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} فنبه على أن الضرب أولى بالمنع وكنهيه عن التضحية بالعوراء فإنه يدل على أن العمياء أولى بالمنع ويليه ما فهم من اللفظ من غير جهة الأولى كنهيه عن البول في الماء الراكد الدائم والأمر بإراقة السمن الذائب إذا وقعت فيه الفأرة فإنه يعرف من لفظه أن الدم مثل البول والشيرج مثل السمن وكذلك كل ما استنبط من العلل وأجمع المسلمون عليها فهو جلي كإجماعهم على أن الحد للردع والزجر عن ارتكاب المعاصي ونقصان حد العبد عن حد الحر لرقه فهذا الضرب من القياس لا يحتمل إلا معنى واحدا وينقض به حكم الحاكم إذا خالفه كما ينقض إذا خالف. النص والإجماع.

فصل

وأما الخفي: فهو ما كان محتمل وهو ما ثبت بطريق محتمل وهو أنواع بعضها أظهر من بعض فأظهرها ما دل عليه ظاهر مثل الطعم في الربا فإنه


١ سورة الحشر, الآية: ٧

<<  <   >  >>