للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رؤية الماء حتى يقوم دليل ينقله عنه فهذا اختلف أصحابنا فيه. فمنهم من قال: أن ذلك دليل وهو قول أبي بكر الصيرفي من أصحابنا. ومنهم من قال: إن ذلك ليس بدليل وهو الصحيح لأن الدليل هو الإجماع والإجماع إنما حصل قبل رؤية وإذا رأى الماء فقد زال الإجماع فلا يجوز أن يستصحب حكم الإجماع في موضع الخلاف من غير علة تجمع بينهما.

فصل

فأما القول بأقل ما قيل فهو أن يختلف الناس في حادثة على قولين أو ثلاثة فقضى بعضهم فيها بقدر وقضى بعضهم فيها بأقل من ذلك القدر وذلك مثل اختلافهم في دية اليهودي والنصراني. فمنهم من قال: تجب فيه دية مسلم. ومنهم من قال: تجب فيه نصف دية مسلم. ومنهم من قال: تجب فيه ثلث دية مسلم، فهذا الاستدلال به من وجهين أحدهما من جهة استصحاب الحال في براءة الذمة وهو أن يقول الأصل براءة الذمة إلا فيما دل الدليل عليه من جهة الشرع، وقد دل الدليل على اشتغال ذمته بثلث الدية وهو الإجماع وما زاد عليه باق على براءة الذمة فلا يجوز إيجابه إلا بدليل فهذا استدلال صحيح لأنه استصحاب حال العقل في براءة الذمة. والثاني أن يقول هذا القول متيقن وما زاد مشكوك فيه فلا يجوز إيجابه بالشك، فهذا لا يصح لأنه لا يجوز إيجاب الزيادة بالشك فلا يجوز أيضا إسقاط الزيادة بالشك.

فصل

وأما النافي للحكم فهو كالمثبت في وجوب الدليل عليه ومن أصحابنا من قال النافي لا دليل عليه. ومن الناس من قال إن كان ذلك في العقليات فعليه الدليل وإن كان في الشرعيات لم يكن عليه دليل والدليل على ما قلناه هو أن القطع بالنفي لا يعلم إلا عن دليل كما أن القطع بالإثبات لا يعلم إلا عن دليل وكما لا يقبل الإثبات إلا بدليل فكذلك النفي.

<<  <   >  >>