وينبغي أن يكون المفتي عارفا بطرق الأحكام، وهي الكتاب، والذي يجب أن يعرف من ذاك ما يتعلق بذكر الأحكام والحلال والحرام دون ما فيه من القصص والأمثال والمواعظ والأخبار، ويحيط بالسنن المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان الأحكام ويعرف الطرق التي يعرف بها ما يحتاج إليه من الكتاب والسنة من أحكام الخطاب وموارد الكلام ومصادره من الحقيقة، والمجاز، والعام، والخاص، والمجمل، والمفصل، والمطلق، والمقيد، والمنطوق، والمفهوم، ويعرف من اللغة والنحو ما يعرف به مراد الله تعالى ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم في خطابهما، ويعرف أحكام أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما تقتضيه، ويعرف الناسخ من ذلك من المنسوخ وأحكام النسخ وما يتعلق به ويعرف إجماع السلف وخلافهم ويعرف ما يعتد به من ذلك ما لا يعتد به ويعرف القياس والاجتهاد والأصول التي يجوز تعليلها وما لا يجوز والأوصاف التي يجوز أن يعلل بها وما لا يجوز وكيفية انتزاع العلل. ويعرف ترتيب الأدلة بعضها على بعض وتقديم الأولى منها ووجوه الترجيح ويجب أن يكون ثقة مأمونا لا يتساهل في أمر الدين.
فصل
ويجب عليه أن يفتي من استفتاه ويعلم من طلب منه التعليم فإن لم يكن في الإقليم الذي هو فيه غيره يتعين عليه التعليم والفتيا وإن كان هناك غيره لم يتعين عليه بل كان ذلك من فروض الكفاية إذا قام به بعضهم سقط الفرض عن الباقين ويجب أن يبين الجواب، فإن كان الذي نزلت به النازلة حاضرا وعرف منه النازلة على جهتها جاز أن يجيب على حسب ما علم من حال المسألة وإن لم يكن حاضرا واحتملت المسألة تفصيلا فصل الجواب وبين وإن لم يعرف المستفتي لسان المفتي قبل فيه ترجمة عدل وإن اجتهد في حادثة مرة فأجاب فيها ثم نزلت تلك الحادثة مرة أخرى فهل يجب عليه إعادة الاجتهاد أم لا فيه وجهان: من أصحابنا من قال: يفتي بالاجتهاد الأول، ومنهم من قال: يحتاج أن يجدد الاجتهاد والأول أصح.