استعمالهما وجب التوقف كالقسم الذي قبله وإن كان أحدهما عاما والآخر خاصا مثل قوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} ١. مع قوله صلى الله عليه وسلم:"أيما إهاب دبغ فقد طهر". وقوله:"فيما سقت السماء العشر". مع قوله:"ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة". فالواجب في مثل هذا وأمثاله أن يقضى بالخاص على العام ومن أصحابنا من قال: كان الخاص متأخرا والعام متقدما نسخ الخاص من العموم بقدره بناء على أن تأخير البيان عن وقت الخطاب لا يجوز وهذا قول المعتزلة. وقال بعض أهل الظاهر: يتعارض الخاص والعام وهو قول أبي بكر الأشعري، وقال أصحاب أبي حنيفة إن كان الخاص مختلفا فيه والعام مجمعا عليه لم يقض به على العام وإن كان متفقا عليه قضى به. والدليل على ما ذكرناه أن الخاص هو أقوى من العام لأن الخاص يتناول الحكم بلفظ لا احتمال فيه والعام يتناوله بلفظ محتمل فوجب أن يقضي بالخاص عليه.
وأما إذا كان واحد منهما عاما من وجه خاصا من وجه يمكن أن يخص بكل واحد منهما عموم الآخر مثل ما روى: أن النبي صلى الله عليه وسلم: "نهى عن الصلاة عند طلوع الشمس". مع قوله صلى الله عليه وسلم:"من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها". فإنه يحمل أن يكون المراد بالنهي عن الصلاة عند طلوع الشمس ما لا سبب لها من الصلوات بدليل قوله صلى الله عليه وسلم:"من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها". ويحتمل أن يكون المراد بقوله صلى الله عليه وسلم:"من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها في غير طلوع الشمس". بدليل ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة عند طلوع الشمس فالواجب في مثل هذا أن لا يقدم أحدهما على الآخر إلا بدليل شرعي من غيرهما يدل على المخصوص منهما أو ترجيح يثبت لأحدهما على الآخر كما روى عن عثمان وعلي رضي الله عنهما في الجمع بين الأختين بملك اليمين أحلتهما آية وحرمتهما آية والتحريم أولى وهل يجوز أن يخلوا