للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«كان يعمل صحيحا مقيما» . ويدخل في ذلك من أقعده الكبر عن عمله المعتاد.

فصل

إذا ثبت بدلالة الكتاب والسنة معنى الإيمان، وأنه اسم جامع لشرائع الإسلام، وأصول الإيمان، وحقائق الإحسان وتوابع ذلك من أمور الدين - بل هو اسم للدين كله - علم أنه يزيد وينقص، ويقوى ويضعف.

وهذه المسألة لا تقبل الاشتباه بوجه من الوجوه لا شرعا، ولا حسا، ولا واقعا.

وذلك أن نصوص الكتاب والسنة صريحة في زيادته ونقصانه مثل قوله تعالى: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [سورة الفتح: ٤] ، {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [سورة المدثر: ٣١] ، {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [سورة آل عمران: ١٧٣] ، {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [سورة التوبة: ١٢٤] وغيرها من الآيات.

وكذلك الحس والواقع يشهد بذلك من جميع وجوه الإيمان، فإن الناس في علوم الإيمان، وفي معارفه، وفي أخلاقه وأعماله الظاهرة والباطنة - متفاوتون تفاوتا عظيما في القوة والكثرة، ووجود الآثار، ووجود الموانع، وغير ذلك. فالمؤمنون الكمل عندهم من تفاصيل علوم الإيمان ومعارفه وأعماله، ما لا نسبة إليه من علوم عموم كثير من المؤمنين، وأعمالهم وأخلاقهم. فعند كثير منهم علوم ضعيفة مجملة، وأعمال قليلة ضعيفة. وعند كثير منهم، من المعارضات والشبهات والشهوات، ما يضعف الإيمان، وينقصه درجات كثيرة. بل تجد المؤمنين يتفاوتون تفاوتا كثيرا في نفس العلم الذي عرفوه من علوم الإيمان

<<  <   >  >>