فأخبر؛ أن الإيمان إذا صحبه - عند وجود أسباب هذه الفواحش -؛ فإن نور إيمانه يمنعه من الوقوع فيها؛ فإن النور الذي يصحب الإيمان الصادق، ووجود حلاوة الإيمان، والحياء من الله - الذي هو من أعظم شعب الإيمان، بلا شك - يمنع من مواقعة هذه الفواحش.
١٧- ومنها: أنه ثبت عنه [صلى الله عليه وسلم] في الصحيحين - من حديث أبي موسى رضي الله عنه- أنه قال:«مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن، كمثل الأترجة طعمها طيب، وريحها طيب. ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن، كمثل التمرة طعمها طيب، ولا ريح لها» .
وهؤلاء القسمان هم خير الخليقة؛ فإن الناس أربعة أقسام:
[الأول] : خير في نفسه، متعد خيره إلى غيره. وهو خير الأقسام. فهذا المؤمن الذي قرأ القرآن، وتعلم علوم الدين. فهو نافع لنفسه، متعد نفعه إلى غيره؛ مبارك أينما كان. كما قال الله تعالى عن عيسى [عليه السلام] : {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ}[سورة مريم: ٣١] .
(والثاني) : طيب في نفسه، صاحب خير. وهو المؤمن الذي ليس عنده من العلم، ما يعود به على غيره.
فهذان القسمان هما خير الخليقة؛ والخير الذي فيهم عائد إلى ما معهم من الإيمان القاصر، والمتعدي نفعه إلى الغير بحسب أحوال المؤمنين.
(والقسم الثالث) : من هو عادم للخير، ولكنه لا يتعدى ضرره إلى غيره.
(والرابع) : من هو صاحب شر على نفسه، وعلى غيره. فهذا شر الأقسام:{الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ}[سورة النحل: ٨٨] .