واعتقدها، وتعبد لله بها - دخل الجنة. والجنة لا يدخلها إلا المؤمنون.
فعلم أن ذلك أعظم ينبوع ومادة لحصول الإيمان وقوته وثباته، ومعرفة الأسماء الحسنى هي أصل الإيمان، والإيمان يرجع إليها.
ومعرفتها تتضمن أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الإلهية، وتوحيد الأسماء والصفات. وهذه الأنواع هي رُوح الإيمان ورَوْحه، وأصله وغايته. فكلما ازداد العبد معرفة بأسماء الله وصفاته، ازداد إيمانه، وقوي يقينه. فينبغي للمؤمن أن يبذل مقدوره ومستطاعه في معرفة الأسماء والصفات، وتكون معرفته سالمة من داء التعطيل، ومن داء التمثيل اللذين ابتلي بهما كثير من أهل البدع المخالفة لما جاء به الرسول، بل تكون المعرفة متلقاة من الكتاب والسنة، وما روي عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان. فهذه المعرفة النافعة التي لا يزال صاحبها في زيادة في إيمانه وقوة يقينه، وطمأنينة في أحواله.
٢- ومنها: تدبر القرآن على وجه العموم. فإن المتدبر لا يزال يستفيد من علوم القرآن ومعارفه، ما يزداد به إيمانا. كما قال تعالى:{وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}[سورة الأنفال: ٢] .
وكذلك إذا نظر إلى انتظامه وإحكامه، وأنه يصدق بعضه بعضا، ويوافق بعضه بعضا، ليس فيه تناقض ولا اختلاف - تيقن أنه {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} وأنه لو كان من عند غير الله، لوجد فيه - من التناقض والاختلاف - أمور كبيرة. قال تعالى:{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}[سورة النساء: ٨٢] . وهذا من أعظم مقويات الإيمان، ويقويه من وجوه كثيرة، فالمؤمن بمجرد ما يتلو آيات الله، ويعرف ما ركب عليه من الأخبار الصادقة، والأحكام الحسنة - يحصل له من أمور الإيمان، خير كبير فكيف إذا أحسن تأمله، وفهم مقاصده