{كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} أي: كما فرض على الذين من قبلكم من الأمم، فدل على أن الصيام كان معروفًا عند الأمم السابقة وفي الشرائع القديمة، ولم تختص به شريعة محمد صلى الله عليه وسلم.
والنفس قد تتثاقل الصيام لما فيه من كبح جماحها ومنعها من الشهوات، والله جل وعلا بين أنه سنته في خلقه، وأنه على جميع الأمم، حتى في الجاهلية كان الصيام معروفًا، كانوا يصومون يوم عاشوراء.
{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} هذا بيان للحكمة من الصيام، فلعلكم تتقون: بيان للحكمة في مشروعية الصيام، وهو أنه يسبب التقوى؛ لأن الصيام يترك به الإنسان مألوفاته وشهواته ومرغوباته تقربًا إلى الله سبحانه وتعالى فيكسبه التقوى، كما أنه يكسر أيضًا شهوة النفس وحدتها؛ لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فمع تناول الشهوات يتسلط الشيطان، ومع ترك الشهوات يضعف مجرى الدم فيطرد الشيطان عن المسلم، ففي الصيام حصول التقوى التي هي جماع الخير كله.
فهذه فائدة الصيام أنه يسبب التقوى، تقوى الله سبحانه وتعالى، واتقاء المحارم والشهوات المحرمة؛ لأن الإنسان إذا