المهاجرين والأنصار، ومن يسلم يأتي إليهم، عند ذلك شرع الله بقية شرائع الدين، ففرض على نبيه صلى الله عليه وسلم الصيام والزكاة في السنة الثانية من الهجرة، وفرض عليه الحج في السنة التاسعة من الهجرة على الصحيح، وبذلك تكاملت أركان الإسلام، أولها الشهادتان، وآخرها الحج إلى بيت الله الحرام.
والحاصل من هذا أن نعلم أن التوحيد هو المهمة الأولى في الدعوة إلى الله عز وجل، وأنه يبدأ الداعية به قبل أن يبدأ بالصلاة والصيام أو الزكاة أو الحج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بقي عشر سنين يدعو إلى التوحيد، وينهى عن الشرك، ولم يؤمر بصلاة، ولم يؤمر بزكاة ولا بحج ولا بصيام، وإنما فرضت عليه هذه الفرائض بعد أن تقرر التوحيد.
فالنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث الدعاة يأمرهم أن يدعو الناس أول ما يدعون إلى التوحيد كما في حديث معاذ:«إنك تأتي قوما من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شَهَادَةُ أَن لا اله إِلا اللهُ وَأَنَّ محمدًا رسول الله، فإن هم أجابوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات. . .» إلخ الحديث.