يخصون كل مؤلف بباب من أبواب العلم، يجمعون فيه الأحاديث المتناسبة مختلطة بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين.
بدأ التدوين في أواخر عهد بني أمية على ما ذكرنا، ولكن لم يظهر شأنه تمام الظهور إلا في خلافة بني العباس، حول منتصف القرن الثاني، إذ نشطت حركة التدوين في العلوم المختلفة، وأخذت السنة حظها من ذلك١ في هذا الدور على النحو الذي سبق، ولكن أين هذه المؤلفات الحافلة، التي جمعها الزهري، ومن تلاه من المحدثين؟، إنه لم يصلنا منها إلا القليل، كموطأ الإمام مالك، ومسند الإمام الشافعي، والآثار للإمام محمد بن الحسن الشيباني أحد رواة الموطأ المتوفى سنة ١٨٩. ولعل سنة التطور في التأليف، هي التي قضت على هذه المؤلفات، والتاريخ يحدثنا أن التأليف في الفنون المختلفة الحديث وغيره، أخذ في التحسن طبقة بعد طبقة، وعصرا بعد عصر، حتى وصل إلى الذروة في الجودة والإتقان، ولا ضير في ذلك ما دامت مادة الأحاديث، التي رويت في كتب الزهري، وغيره موجودة في المصنفات التي تتجدد في كل عصر، آخذة لونا من الترتيب والتهذيب، يتناسب وذوق العصر الذي وضعت فيه، ولنتكلم على أشهر الكتب المؤلفة في هذا الدور فنقول:
موطأ الإمام مالك:
الموطأ كتاب ألفه الإمام مالك، مشتملا على حديث رسول صلى الله عليه وسلم، وأقوال الصحابة وفتاوى التابعين. طلب أبو جعفر
١ مقدمة فتح الباري ص٤، ومفتاح السنة وكشف الظنون ج٢ ص٢٦٦ وتدريب الراوي للسيوطي ص٢٤، وتاريخ الخلفاء له أيضا ص١٧٣.