للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الخامس: الرد على تمويهات لبعض المستشرقين لها صلة بهذا العصر، وما قبله

اطلعت أيها القارئ على تاريخ السنة في القرن الأول، والثاني للهجرة المباركة ورأيت أن علماء الصحابة والتابعين، ومن بعدهم كان يتلقاها بعضهم عن بعض في أمانة وضبط، وأنهم كانوا يذبون عنها أكاذيب الشيعة، والخوارج والزنادقة، ومن كان على شاكلتهم في الكيد للإسلام عن طريق الحديث، وما زالوا يجاهدون صادقين في سبيل السنة، حتى أسلموها إلى علماء القرن الثالث كاملة غير منقوصة، وصحيحة غير مكذوبة عن طريق الأسانيد التي تطمن لها القلوب، ثم قام علماء القرن الثالث بدورهم في رواية السنة، وحفظها وكتابتها وتدوينها، حتى وصلت إلينا طاهرة نقية.

ولكن شرذمة من أهل الكفر والضلال، يدعون بالمستشرقين كبر عليهم أن تبقى هذه الثروة الإسلامية المباركة محفوظة من التبديل، والتحريف في وقت ضعف فيه المسلمون، واستولت عليهم الأمم الكافرة، فعمل هؤلا المستشرقون جاهيدن على تشكيك المسلمين في دينهم، عن طريق الطعن في الحديث ورواته باسم البحث الحر، وطريقة هؤلاء القوم التي اختاروها لأنفسهم، وأملتها عليهم أغراضهم السياسية، هي توهين القوي من الحديث وتقوية الضعيف، أو الموضوع وتضخيم الصغير وتحقير العظيم، وتشويه الحقائق والتعامي عما تقضي به الأدلة والبراهين. كل هذا ليشوهوا.

محاسن الإسلام علمائه في أنظار من افتتن بمدنيتهم المادية الزائفة من صغار الأحلام، وضعفاء الإيمان. وما موقفهم هذا من الإسلام إلا ما يقول القائل.

إذا رأوا هفوة طاروا بها فرحًا ... مني وما علموا من صالح دفنوا

ونحن١ نذكر مثلا من تمويهات هؤلاء المبطلين، تكشف لك عن نواياهم الخبيئة ونعقب عليها بما يدحضها، وإن كانت عند التأمل كهشيم تذروه الرياح لا تقوم، إلا على مجرد الدعوى والتغافل عن الحقائق الثابتة فنقول:

أولا: زعموا "أن القسم الأكبر من الحديث ليس إلا نتيجة


١ نقلنا هذه الشبه من كتاب تاريخ الفقه الإسلامي، للأستاذ علي حسن عبد القادر ص١٢١، وما بعدها.

<<  <   >  >>