المبحث الرابع: البعوث والوفود، وأثرها في انتشار الحديث النبوي:
بعوثه صلى الله عليه وسلم، وأثرها في نشر الحديث:
بدأت الدعوة المحمدية سرا، كما رأيت واستمرت على ذلك ثلاث.
سنين ثم أمر الله نبيه بأن يجهر بها، بعد أن تكونت نواة صالحة من المسلمين، فما كان من قريش إلا أن ناصبوه العداء، واستمر الأمر على ذلك حينا من الزمان، حتى دخل الإسلام كثير من أهل المدينة، فأمر الله نبيه بالهجرة إليها فانتقل إليها مع أصحابه، وأصبحت المدينة من ذلك الوقت مهبط الوحي، وقاعدة الإسلام. غزا منها النبي صلى الله عليه وسلم أعداء الدين، وحدث بها أكثر حديثه إلا أن القتال، كان حائلا دون دخول كثير من القبائل في الإسلام، كما كان مانعا من وصول الدعوة إلى أطراف الجزيرة، فما أن وقع صلح الحديبية بين النبي صلى الله عليه وسلم، وأهل مكة حتى أمن الناس بعضهم بعضا، وجالس بعضهم بعضا، وتحدثوا في شأن هذا الدين الجديد، وفي ظل هذه الهدنة المباركة، دخل كثير من العرب في الإسلام، فانتهز النبي صلى الله عليه وسلم هذه الفرصة، وأرسل كتبه إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام، وبعث بعوثه إلى القبائل المسلمة لتعليمهم السنن والأحكام، فبعث منهم إلى اليمن وإلى البحرين وإلى اليمامة، وإلى حضرموت وإلى عمان، وغير ذلك من بلاد العرب.