للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمهات المؤمنين يبلغن الحديث عن رسول الله:

ولا ننس ما لزوجاته صلى الله عليه وسلم، من فضل كبير في تبليغ أحكام الدين، ونشر السنن بين نساء المؤمنين، لا سيما ما كان من عائشة رضي الله عنها، التي كانت على مقدار عظيم من الذكاء، والفهم فقد كانت تسأله صلى الله عليه وسلم، وتناقشه في بعض المسائل، التي قد تخفى عليها، وتستوضح عن كثير من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، روى البخاري في كتاب العلم عن ابن أبي مليكة، أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، كانت لا تسمع شيئا لاتعرفه، إلا راجعت فيه حتى تعرفه.

وأن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "من حوسب عذب". قالت عائشة: أو ليس يقول الله تعالى: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} . قالت فقال: "إنما ذلك العرض، ولكن من نوقش الحساب يهلك". ولعل من الحكم التي لأجلها أباح الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، الزواج بأكثر من أربع قيام هؤلاء الزوجات بالتبليغ عنه صلى الله عليه وسلم، وبخاصة في الأمور، التي لا توجد منه صلى الله عليه وسلم بين أصحابه، أو يستحي من فعلها بينهم، ولا يمكن الاطلاع عليها لأحد غير أمهات المؤمنين، رضي الله عنهن لذلك نجد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعده، إذا اختلفوا في شيء من الأحكام كالغسل، والحيض والجماع، ونحوها يلجأون إلى أمهات المؤمنين، ويرجعون إلى أقوالهن، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبذلك يزول ما بينهم من خلاف.

هذا ولا ريب في أن نساءه، صلى الله عليه وسلم، كن على جانب عظيم من العلم فقد أمرهن الله تعالى بالاستقرار في بيوتهن، ومدارسة القرآن والسنة في قوله: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} ، إلى أن قال: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} .

لذا كان لأمهات المؤمنين أثر فعال في نشر السنة، ولولاهن لضاعت أحاديث، وأحكام ما كنا لنطلع عليها من غيرهن، ولا سيما الأفعال التي تقع بين النبي صلى الله عليه وسلم، وأزواجه مما لا يمكن لأحد الاطلاع عليها، والوقوف على أحكامها.

<<  <   >  >>