المبحث الثالث: كيف كان الصحابة يتلقون الحديث، عن النبي صلى الله عليه وسلم
لم يكن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، من يحسن الكتابة إلا نفر قليل، فقد كانت الأمية غالبة عليهم، فكان اعتمادهم في تلقي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم، على استعدادهم في الحفظ على ما سبق لك آنفا، كما أنهم نهوا عن كتابة الحديث في بدء الأمر، خوف اختلاطه بالقرآن الكريم. وكان الصحابة يتلقون الحديث، عن النبي صلى الله عليه وسلم، إما بطريق المشافهة، وإما بطريق المشاهدة لأفعاله وتقريراته، وإما بطريق السماع ممن سمع منه صلى الله عليه وسلم، أو شاهد أفعاله وتقريراته؛ لأنهم لم يكونوا جميعا يحضرون مجالسه صلى الله عليه وسلم، بل كان منهم من يتخلف لبعض حاجاته.
هذا ولما كان عدد الحاضرين للسماع من حضرة النبي صلى الله عليه وسلم، يختلف قلة وكثرة اختلف لذلك المروي عنه، فبعضه بلغ درجة التواتر، وهو ما نقله عنه صلى الله عليه وسلم، جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب، وهذا نوعان متواتر لفظا، وهو قليل من الأحاديث كحديث:"من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار"، ومتواتر معنى وهو كثير، ومن ذلك الأحاديث الواردة في أحكام الطهارة، والصلاة، والزكاة، والصوم