والحج والبيوع والنكاح، والغزوات مما لم يختلف فيه فرقة من فرق الإسلام. وبعضه لم يبلغ درجة التواتر، وهو الذي يسميه العلماء "خبر الآحاد".
كان الصحابة يحفظون الحاديث عن ظهر قلب، ويبلغونها للناس بطريق المشافهة، إلا ما كان من بعض أفراد قلائل كعبد الله بن عمرو بن العاص، فقد أذن له النبي صلى الله عليه وسلم في كتابة الحديث عنه.
روى الإمام أحمد في مسنده، عن عبد الله بن عمرو هذا أنه قال:"كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أريد حفظه فنهتني قريش فقالوا: إنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا. فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "اكتب فوالذي نفسي بيده، ما خرج مني إلا حق".
هذا ولاختلاف الصحابة في معرفة الكتابة، وعدم معرفتها وكثرة حضورهم مجالسه صلى الله عليه وسلم، وقلة حضورهم اختلفوا في تحمل الحديث، وأدائه قلة وكثرة، فكان منهم المقل ومنهم المكثر هذا أبو هريرة رضي الله عنه يقول فيما رواه عنه البخاري في كتاب العلم: "ما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد، أكثر حديثا عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب".
وكما اختلف الصحابة في صفة الأخذ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي كثرة المروي، وقلته لأسباب أشرنا إليها كذلك اختلفوا في فقه الحديث حسب اختلافهم في الفهم، والاستعداد الفطري،
فلم يكونوا سواء في معرفة الناسخ والمنسوخ، والعام والخاص والمطلق والمقيد، والمجمل والمفسر، ونحو ذلك إلا أنهم، كانوا كثيرا ما يرجعون إلى الرسول