للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث بل يقتصر على حفظه ومذكراته شفاهًا ومنهم من كان يكتب الحديث١ ولكن ما دوِّن من الحديث حتى نهاية خلافة الراشدين كان أقل بكثير مما لم يدون، فكانت هذه ثغرة نفذ منها أهل الأهواء إلى تحقيق أغراضهم. ومع تبلور هذه الفرق نمت كمية الأحاديث الموضوعة التي بلغت مداها في القرنين الثاني والثالث الهجريين كما تدل على ذلك أسماء الوضاعين التي أوردتها كتب الموضوعات وكتب الضعفاء. لقد وضع بعض الشيعة أحاديث في فضل علي والطعن في معاوية٢ كما وضع بعض خصومهم أحاديث في فضائل أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية ردًّا على من ينتقص منهم٣، وعندما كثر سب الصحابة وضعت أحاديث في فضل الصحابة جميعًا أو في فضل جمع منهم٤، وهذه الأحاديث تعكس الصراع الفكري والسياسي بين الأحزاب المختلفة، وكثير منها وضع في القرن الثاني والثالث الهجريين لكنها تتناول في الغالب مواضيع تتصل بأحداث النصف الأول من القرن الأول الهجري٥، وكانت المناقشات المتأخرة بين الفرق والأحزاب المتصارعة هي السبب في لجوء بعضها إلى الوضع في الحديث، وكانت مسألة الخلافة المحور الذي تدور حوله كثير من الموضوعات٦ وكما وضع بعض الشيعة وبعض خصومهم أحاديث لتأييد آرائهم، فقد وضعت أحاديث أيضًا لصالح العباسيين وبعضها أريد منه إلقاء اليأس في قلوب


١ انظر: "Sezgin: Buharinin Kaynaklari, p. ٣-٥"
٢ ابن تيمية: المنتقى من منهاج الاعتدال، ٣١٣؛ والسيوطي: اللآلئ المصنوعة ١/ ٣٢٣.
٣ السيوطي: اللآلئ المصنوعة ١/ ٢٨٦، ٣١٥-٣١٧؛ وابن عراق: تنزيه الشريعة ١/ ٣٧١، ٢/ ٤.
٤ السيوطي: اللآلئ المصنوعة ١/ ٤٢٨.
٥ ابن عراق: تنزيه الشريعة ١/ ٤٢٢.
٦ ابن تيمية: المنتقى من منهاج الاعتدال، ٣٠٧؛ والسيوطي: اللآلئ المصنوعة ١/ ٣٢٤.
وابن عراق: تنزيه الشريعة ١/ ٣٥٣؛ وابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة ١/ ١٣٥.

<<  <   >  >>