للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلويين وإقعادهم عن المطالبة بالخلافة١، وقد أكثر بعض الشيعة من وضع الحديث ولذلك حذر منهم بعض العلماء مثل أبي حنيفة٢ وعبد الله بن المبارك٣ ومالك٤ وشريك بن عبد الله٥ ويزيد بن هارون٦ والشافعي٧.

لقد كان العراق وخاصة الكوفة ميدانًا لوضع الحديث وتناقل الموضوعات، فقد حملت الكوفة العبء الأكبر في الحرب مع أهل الشام عندما اتخذها الإمام "علي" عاصمة، وقد ظلت بعده مركز المعارضة للحكم الأموي، فكان وضعها ملائمًا لظهور عناصر طموحة سعت إلى استغلال الظروف للوثوب إلى السلطة.

وفي هذا المجتمع المشحون بالأحقاد السياسية نمت الأحاديث الموضوعة لدعم وجهة نظر المعارضة ولانتقاص الأمويين والنيل منهم، فهذا المختار الثقفي يقول لرجل من الأنصار ضع لي حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أني كائن بعده خليفة، وطالب له ثأر ولده، وهذه عشرة آلاف درهم وخلعة ومركوب وخادم! وقد رفض الأنصاري أن يضع حديثًا عن النبي، وأراد أن يضعه عن أحد الصحابة بأجر أقل٨، وقد وجد بعض المشعوذين مجالًا خصبًا في هذه البيئة للتصدر في حلقات العلم فيذكر عاصم الأحول "ت ١٤٢هـ" أنه شهد مجلسًا يتصدره أعجمي لا يحسن نطق العربية، ومع ذلك فهو شيخ يجلس الناس في حضرته كأن على رؤوسهم الطير٩.


١ ابن عراق: تنزيه الشريعة ٢/ ١٧-١٨؛ والخطيب: تاريخ بغداد ٦/ ٢٤١.
٢ الخطيب: الكفاية، ١٢٦.
٣ ابن تيمية: المنتقى من منهاج الاعتدال، ٤٨٠.
٤ المصدر السابق: ٢١.
٥ المصدر السابق: ٢٢؛ وانظر الذهبي: ميزان الاعتدال ١/ ١٥.
٦ المصدر السابق: ٢٢؛ وانظر الذهبي: ميزان الاعتدال ١/ ١٥.
٧ الخطيب: الكفاية، ١٢٦؛ وابن تيمية: المنتقى من منهاج الاعتدال، ٢١؛ والذهبي: ميزان الاعتدال ١/ ١٥.
٨ ابن الجوزي: الأحاديث الموضوعة ١/ ٤ب.
٩ انظر تفاصيل ذلك في ابن حبان: المجروحين من المحدثين: ٢/ ٢٨أ.

<<  <   >  >>