للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتأتي بقية مدن العراق بعد الكوفة والبصرة في النشاط العلمي خلال الفترة التي شملتها دراسة كل من خليفة بن خياط ومحمد بن سعد، ويلاحظ تأخر بناء مدينتي واسط وبغداد فلم ينزل فيها صحابي ولا تابعي بل نزح إليهما أتبع التابعين من الكوفة والبصرة١، فكان إزدهار العلم ببغداد متأخرا عن دراسة خليفة وابن سعد لذلك لم تحظ بنصيب وافر في كتابيهما وقد أصبحت بغداد فيما بعد مدينة العلم وموسم العلماء حتى ذكرها ابن حبان في جملة المدن التي نزلها الصحابة تعصبا لها بعد أن ذكر أنها محدثة لم ينزلها أحد من الصحابة٢. ولم تكن أهمية المشرق الإسلامي قد برزت في الرواية خلال القرنين الأولين للهجرة لذلك لم ينل عناية كبيرة عند خليفة بن خياط ولا عند محمد بن سعد وقد ازدهرت الرواية فيه خلال القرنين الثالث والرابع الهجريين ومن ثم فقد اعتبرهما ابن حبان من الأقاليم "المشهورة في الإسلام المعروفة بعلماء الأيام"٣. كذلك كان دور غرب العالم الإسلامي ثانويا في الرواية خلال القرنين الأولين إلا الشام فقد نزلها عدد كبير من الصحابة وتليها من حيث نشاط الرواية مصر أما الجزيرة والعواصم والثغور.. أما أيلة وأفريقية الأندلس فلم تبرز في هذه الفترة المبكرة فكان حظها في كتابي خليفة وابن سعد قليلا أيضا. ويبدو من ملاحظة تسلسل المدن عند خليفة بن خياط ومحمد بن سعد أن كليهما راعى في تقديم البلدة على غيرها كثرة العلماء ونشاط الرواية فيها وهذا يظهر في إتفاهما على تقديم المدينة فالكوفة فالبصرة على بقية المدن الإسلامية كذلك فعل ابن حبان بعد ما ينيف على القرن من ظهور كتابي خليفة وابن سعد.

كذلك نجد أن خليفة يذكر الصحابة من أهل المدينة ثم ينتقل مباشرة إلى الكلام عن الكوفة قبل أن يتم طبقات اهل المدينة، ولا يعود إلى ذكر التابعين.


١ ابن حبان البستي: مشاهير علماء الأمصار، ١٧٦.
٢ المصدر السابق، ١٩٤.
٣ المصدر السابق، ١-٢.

<<  <   >  >>