للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرابع عشر الميلادي في مقدمة كتابه "العقد الثمين" "أنه غير مسبوق بالفصل الذي خصصه للتراجم من كتابه"١ وقد تعجب الفاسي من هذه الظاهرة فقال في كتابه الآخر شفاء الغرام "وإني لا عجب من إهمال فضلاء مكة بعد الأزرقي للتأليف على منواله ومن تركهم تأليفا لتاريخ مكة يحتوي على معرفة أعيانها من أهلها وغيرهم من ولاتها وقضاتها وخطبائها وعلمائها كما صنع فضلاء غيرها من البلاد"٢.

"وأما تاريخ المدينة فقد عولج على نمط ما عولج به تاريخ مكة إذ يبدو أنه لم يحتو إلا على قليل من التراجم، يدل على هذا عدم اقتباس كتاب التراجم المتأخرين شيئا من تواريخ المدينة المنورة"٣، إلا نقولا ضئيلة أوردها السخاوي عن عمر بن شبة "ت٢٦٢هـ" في التحفة اللطيفة وهي لا تدل على أن ابن شبة ترجم للأشخاص بالشكل الذي نده في كتب التراجم٤، فتواريخ المدن التي سبقت بحشل كانت تعني بطوبوغرافية المدينة وأخبارها ولم تركز على رجال البلدة لذلك فيمكن القول أن بحشل هو أقدم من أكد على رجال البلدة فقد أصبح العلماء أهم ما تتميز به المدن المتنافسة، ومن ثم فقد غلبت التراجم على مادة تواريخ المدن بعد بحشل.

وقد قدم بحشل لكتابه بمقدمة مقتضبة جدا عن تاريخ وخطط واسط لا تتناسب وتواريخ المدن المؤلفة قبله، ثم ترجم لعلمائها، وقد تابعته تواريخ الرجال المحلية التالية في الشكل والمحتوى فالمقدمة ثم ذكر الصحابة فبقية رجال البلدة هو الهيكل العام لسائر تواريخ الرجال المحلية، وإن توسع البعض في المقدمة فضمنها معلومات طبوغرافية وأخبارا وأساطير تتصل بالمكان الذي يكتب عنه مما يعبر عن العصبية للأمصار، كما يبدو أن ذكر من دخل البلدة من


١ روزنثال: علم التاريخ عند المسلمين، ٢٢٥. نقل ذلك عن العقد الثمين "أربعة مجلدات تيمور تاريخ ٨٤٩".
٢ روزنثال: علم التاريخ عند المسلمين، ٢٢٧.
٣ المصدر السابق، ٢٢٤.
٤ انظر العلي: المؤلفات العربية عن المدينة والحجاز، ١٨.

<<  <   >  >>