للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"دليل الخطاب". ومنها: "العمل بالوجوه الفاسدة". ومثلها قوله الرسول صلى الله عليه وسلم: "في سائمة الغنم زكاة" ١.

وهل معنى هذا نفي الزكاة عن المعلوفة من الغنم أم لا؟. اختلف علماء الأصول في ذلك:

فقال أبو العباس ابن سريج: "تعليق الحكم على صفة لا يدل على انتفاء الحكم فيما لم توجد فيه تلك الصفة٢ إلا إذا جاء بلفظ الشرط". وقد استدل على قوله هذا بالأدلة الآتية٣:

أولا: استدل بقوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ} ٤.

وجلا الاستدلال: أنه لو كان كما قلتم لكان في الآية دليل على جواز القتل عند انتفاء خشية إملاق وهو الفقر، وليس كذلك، بل هو حرام.

ثانيا: لو دل تخصيص الحكم بالصفة على نفيه عما عداه لدل تخصيصه بالاسم على نفيه عما عداه. لكن التخصيص بالأسماء لا يدل على نفيه عما عداه. فالتخصيص بالصفة وجب أن لا يدل على نفيه عما عداه.

ثالثا: ثبوت الحكم في إحدى الصورتين لا يلزمه ثبوت الحكم في الصورة الأخرى والإِخبار عن ثبوت ذلك الحكم في إحدى الصورتين لا يلزمه الإِخبار عنه في الصورة الأخرى، فإذن الإخبار عن ثبوت الحكم في إحدى الصورتين لا يدل على حال الصورة الأخرى ثبوتا وعدما.

رابعا: ليس في كلام العرب كلمة تدل على شيئين متضادين وهذا اللفظ يدل على إثبات الحكم ونفيه، وهذا خلاف اللغة.

خامسا: لو كان تعليق الحكم على الصفة للشيء يدل على نفيه عما عداه لوجب أن لا يحسن فيه الاستفهام، كما لا يحسن في نفس النطق.


١ انظر: فتح الباري _ باب الزكاة الغنم _ ٣/٣١٧ وتلخيص الحبير ٢/١٥٦ ومختصر سنن أبي داود _ باب في زكاة السائمة _ ٢/١٨٢، والمعتبر/١٧٠.
٢ انظر: الوصول إلى علم الأصول ١/٣٤٢، وتنقيح المحصول ١/١٥١، والإبهاج شرح المنهاج ١/٣٧١، ونهاية السول ١/٣٢٠، والملخص في الجدل في أصول الفقه ١/٦٩، وأحكام الفصول ٥٢٢، وقواطع الأدلة /لوحة رقم٧١، وشرح مختصر روضة الناظر٢/ ٥٥١، وشرح اللمع ١/٤٢٨، وكشف الأسرار ١/١٠٧، والتبصرة ٢١٨.
٣ انظر: المراجع السابقة.
٤ سورة الإسراء آية: ٣١.

<<  <   >  >>