للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نزل في العرب أولاً كان بلغتهم لأنه لو كان بغير لغة العرب ولطلبوا نزوله بلسانهم ليفقهوه لكن الله تعالى بحكمته أنزله عربياً وقال: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} ١ ولعل في قوله تعالى {أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} ٢ إنكاراً للاختلاف اللغوي بين الداعية والمدعوين إذ لا يصح أن يكون الكلام أعجمياً والمخاطب به عربياً لأن ذلك لو حدث لاحتاج المخاطبون إلى التفصيل والبيان.

وتحقيقاً لعالمية الإسلام مكن الله للعرب من إتقان لغات العالم كله. ويجب على الدعاة أن يتمكنوا من ذلك دائما، وقد وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين والدعاة إلى هذا الواجب بما فعله مع الصحابي زيد بن ثابت حيث قال له: "يا زيد أتحسن السريانية؟ إنها تأتيني كتب بها. قال زيد: قلت: لا. قال: تعلمها. فتعلمتها في سبعة عشر يوما"ً ٣.

وهكذا وضح الرسول للمسلمين طريق مخاطبة الناس وتوجيههم إلى الله تعالى. ونظراً لكثرة اللغات العالمية فإنه يمكن تقسيم الطلاب إلى مجموعات تختص كل مجموعة بدراسة لغة أو لغتين وبذلك يمكن تخصيص كل مجموعة بدعوة إقليم ما من أقاليم العالم.

وينبغي تعريف كل جماعة بالإقليم الذي ينطق لغة دراستهم من ناحية عاداته وتقاليده والأديان والمذاهب المنتشرة فيه ليكون الدعاة على بينة تامة ممن سيدعونهم وقد أطلت في الحديث عن دراسة اللغات لأهميتها وضرورتها للدعاة أملا في أن تحققها مدارس الدعاة. والله الموفق.


١ سورة فصلت من آية ٤٤.
٢ سورة فصلت من آية ٤٤.
٣ الفتح الرباني.. كتاب العلم باب فضل العلوم والعلماء.

<<  <   >  >>