تلك صورة مصغرة من وقائع كبيرة لا يجهلها أحد مهتم بشؤن المسلمين، ويعنى بالدعوة إلى الإسلام.. ولابد أن كلا منا قد سأل نفسه بازائها أكثر من مرة: إذا كان هذا هو واقع المسلمين في بلاد الإسلام، فكيف يتاح لداع إلى هذا الدين أن يقنع به الآخرين؟..
إن أولى الحقائق التي يلتزم الداعي إلى الإسلام عرضها لغير المسلم، بعد كلمة التوحيد، هي اقناعه بأن الإسلام هو النظام الكامل الذي اصطفاه الله لعباده من أجل هدايتهم إلى التي هي أقوم في دنياهم وآخرتهم، ففيه أصول الحياة السعيدة لكل ما تتطلبه فطرة الإنسان من الحكم الرشيد، والآداب العاصمة، والقوانين الضابطة لمسيرة البشرية، أفراد وجماعات وحكومات في الطريق الذي لاعوج له.
بلى.. ذلك ما يفعله كل داع أوتي العلم والحكمة.. ولكن ما محصول دعوته حين يسمع مدعويه يتحدونها بمثل قولهم: إذا كان هذا هو الإسلام حقا.. فما بال دول المسلمين يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير، فيقاطعون تشريعاته القويمة، ليأخذوا بقوانيننا المضطربة، وما بالهم يرفضون أنظمته الإجتماعية، في المرأة والتربية والتعليم، ليلهثوا في أثر مجتمعاتنا، التي فقدت الرؤية السليمة، فراحت تتخبط في المجاهل دون هاد ولا دليل!..
لقد استحكمت مرحلة الضياع في حياة المسلمين منذ رضى مسؤلوهم بالتخلي عن سياسة الإسلام في الأموال والدماء وأساليب الحكم، ولما ألفوا البعد عن مهيع الشريعة الآلهية تقدم بعضهم مرحلة أخرى فأعلنوا الثورة بكل الخصائص التي تميز المجتمعات الإسلامية وها هم أولاء يصرحون في كل مناسبة بأنهم يريدون تفكيك البنية الإجتماعية لشعوبهم وتحويلها إلى أوضاع مغايرة تماما.. أوضاع يستمدون مخططاتها طبقا من كل مكان وكل نظام إلا الإسلام..
هكذا يتحول هذا الإسلام في ظل هذه العقليات الغربية إلى شيء آخر يمكن اعطاؤه أي إسم إلا الإسلام.
إن الغاء القوانين الشرعية في معظم العالم الإسلامي قد جرده من كل الحصانات التي تحقق له الأمن، إذ زجه في المتاهات نفسها التي يتخبط فيها العالم الجاهلي من حوله.. وانشاء الفتاة المسلمة على غير الإسلام قد عطل كل الآيات القرآنية والأحاديث