وبقليل من التحقيق يتضح لكل ذي بصيرة أن المراد بهذا التحرير ليس تمكين المرأة من طلب العلم الذي يناسبها ولا رفع المظالم التي ترهقها في بعض الأوساط التي أدارت ظهرها لشريعة الله، بل دفعتها إلى الخروج على كل القيم التي ميزت المسلمة عن سائر النساء، إذ أعطتها من الحقوق ما لم تحلم به امرأة في العالم كله حتى الساعة..
ولا شك أن رافعي شعار (تحرير المرأة) في عالم الإسلام يدركون جيدا أن إفساد المرأة المسلمة باستجرارها إلى التحلل من فضائل الإسلام، إنما هو أقصر طريق إلى تدمير الحصون الداخلية للمجتمع الإسلامي.. لأنه سيجهز على مقومات البيت الذي لم يبق سواه لتربية الأجيال المؤمنة..
ومن أجل ذلك يعبئون كل الطاقات التي يملكونها، لتفريغ المسلمة من كل تقديس لمواريثها الدينية، وفي مقدمة ذلك تشويه القيم الأصلية، وشحن نفسها بالتنفير من كل موحياتها، وأنجح مجال لذلك مؤسسات العلم التي أمكن تجريدها حتى اليوم كل الحصانات الذاتية، ثم مؤسسات الدولة التي ركزت على استخدام المرأة، فأصبحت من أهم العوامل المفتتة لبقايا الأخلاق..
وما أحسبني بمعذور إذا أنا أغفلت بجانب هذه الألغام الناسفة، موضوع الشباب الذي يبتعث لاستجلاب المعرفة من معاقل الكفر، فإذا هو ـ إلا من رحم الله ـ فريسة مكشوفة لكل خبيث النية عليم اللسان.. ثم لا يلبث إلا قليلا حتى يسلخ من الزاد اليسير الذي حمله عن دينه دون تعمق ولا تدبر.. فإذا عاد إلى بلده بعد من الدراسة كان أكبر همه تهديم ما يواجهه من تراث حُشِي صدره بالحقد عليه..
وإني لهذا المسكين، الذي سُيّب دون معين، أن يصمد لألوان المغريات التي أعدت لاصطياده منذ الخطوة الأولى.. إذ كان عليه، من أجل اتقان لغة القوم، أن يتخذ سكنه في أسرة لا يسمع ولا يرى فيها إلا ما يخالف مقومات دينه، ثم تأتي الرحلات والحفلات والشهوات.. فلا تبقى من ميراثه النفسي نقيرا ولا قطميرا..
فكيف إذا تذكرنا أن هذا الشباب هو الذي يتولى وسيتولى مقادة المجتمع وتكييفه على الوجه الذي لا يؤمن بغيره!..