للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[بين يدي العلاج للدكتور محمد الهراس]

[بين يدي العلاج]

...

[بين يدي العلاج]

للدكتور عبد السلام الهراس الأستاذ بجامعة محمد بن عبد الله (كلية الآداب) فاس ـ المغرب

إن في عالم اليوم تيارات امتاز بعضها بأحكام الفكرة وشموليتها وقد أكسبتها الممارسة والتطبيق بريقا وأي بريق. وهكذا لم تعد أفكارها تتردد في مجال النظر والعقل بما تمخضت عنها دول وكتل متميزة بمعالم وملامح انعكست على حياتها واخلاقها وعلاقاتها فهي مدينة لهذه الإيدلوجية أو تلك ملتحمة بها التحاما شديدا لأنها منذ اعتنقاها لها واتخاذها منطلقا لنهضتها وأسلوبا لحياتها واطارا لتطورها حدث تغيير عظيم في حياتها الحضارية وهكذا ارتبطت النهضة بالفكرة وتلازم ذكر التقدم الروسي بالماركسية، والتقدم الغربي باللبرالية والرأسمالية.

وقد كان للصراع الفكري أثر في عدة مجالات حتى في ميدان الرياضة كما تجلى ذلك في مونريال حيث كان التبارى والصراع على أشده بين الفريقين الممثلين للفكرتين للبرهنة على التفوق احدى الإيديولوجيات على الأخرى. ومعنى ذلك أن الفكرة، كأي انتاج يجب أن تتجاوز الدعوة إليها الإكتفاء بالبرهنة على صلاحيتها نظريا إلى تقديمها في صورة حضارية ملموسة يعيشها الإنسان ويسعد بها، لأن الفكرة الأكثر تأثيرا واغراءا أو اطراحا وتنفيرا هي التي يعكسها واقعها الملموس، بقطع النظر بأن يكون هذا الواقع انعكاسا حقيقيا لها أو انعكاسا لاختلال أخلاقي وعقائدي للذين يدعون أنهم أصحابها دون أن تكون هي في الحقيقة مسؤولة عنه، ففرق كبير بين فكرة تقدم وتعرض خلال أمة متماسكة، ودولة أو دول عظيمة ومصانع ضخمة وانجازات مذهلة في مجالات العلوم والإختراعات والتقدم الإجتماعي والحضاري، ومن خلال الحرص على كرامة الإنسان وأمنه وسلامته، وبين فكرة يدعى لها من خلال أمة أو أمم ممزقة ودول ضعيفة أو عجفاء متناحرة ومجتمعات متخلقة راكدة وانجازات جبارة ولكن في ميدان التفقير ومصادرة الكرامة الإنسانية بل البشرية وخنق الفكر السليم وتناقضات بين القول والعمل

<<  <   >  >>