إلى منقذ ينقذه مما تردى فيه من فجور وفسوق واضطراب نفس وبلبلة فكر شملت الكبار والصغار والنساء والرجال واستشرى ـ ضرورة في الريف بعد أن عم المدن ولم يجد المفكرون من أهل الأديان الأخرى في أديانهم التي يتدينون بها. ما يسد فراغهم الروحي الديني وما يسكن نفوسهم المضطربة فبدأوا يبحثوا عن مشعل يهديهم السبيل ويقودهم إلى ما يملأ قلوبهم هداية ونفوسهم أمنا.
والمجتمعات كلها غارقة فيما جد من مذاهب وما استحدث من مبادئ وكلها تتجاذب الناس إلى ناحيتها وتغريهم بما تنمقه من دعايات وما تزوقه من أساليب وتخاطبهم زورا بما تهفوا له النفوس القلقة وتناديهم بالنغمة التي يسمعونها وتلمس مواضع الآلام في نفوسهم وتتبنى مشكلاتهم وتنصب نفسها للدفاع عنهم والمطالبة بحقوقهم تعدهم بتحقيقها مهما اعترضها من صعاب وتمنيهم بنظام متكامل ينقذ العالم مما تردى فيه من أنظمة براقة ومبادئ وعدته بالسعادة في الدنيا. وبالراحة والأمن والإطمئنان فيها. ولكنها لم تحقق له السعادة بل هوى بسببها في الشقاء ولم تهيء له الأمن فقد أصيب من جرائها بالذعر والخوف. ولم يعد يطمئن على عرض ولا على نفس ولا على مال مما له في الحياة.
نعم العالم اليوم في حاجة إلى الإسلام باعتباره نظاما عاما لشئون الحياة يقي البشرية من ويلات الحروب المدمرة ويقر العدل بين الناس ويطبق الإخاء والمساواة بين البشر وينشل الإنسان مما تردى فيه من وحل المادية الوبيئة الآسنة: بعد أن جرب العقائد الأخرى فانحطت بإنسانيته إلى ما دون ـ الحيوانات وبعد أن جرب نظام الرأسمالية والشيوعية: فاعتصره الأول وأذله ومحا إنسانيته الثاني. وفشلت الأنظمة الأرضية كلها في تحقيق أدنى طمأنينة للإنسان.
أيها الإخوة:
إن قضية الدعوة في الزمان الحاضر تختلف تمام الإختلاف عنها في الماضي فمشكلاتها اليوم شملت الأسرة وامتزجت بالمجتمع وتغلغلت في الأنظمة الإقتصادية والسياسية والإجتماعية والتعليمية كما صبغت بألوان الجنس واللون والوطن والقومية وتعددت المذاهب والمبادئ وخطط للقضاء على القيم الروحية والأخلاقية تخطيط مادي ونفسي واجتماعي يهدف أول ما يهدف إلى تفتيت الأسرة بإعتبارها اللبنة الأولى في كيان المجتمع. واستغلت في ذلك