الدعوة وتبلغ إلى كل ما طلعت عليه الشمس، وكل ما دخل عليه الليل.
إن كتاب الله تعالى أنزل ليكون نذيراً للناس كافة، وما بدأه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على طريق هذا الإنذار العام من دعوة لملوك الأرض وشعوبها الذين أتيح له أن يدعوهم.
ما بدأه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ علينا أن نكمله، فنصل بالدعوة إلى كل مكان نستطيع الوصول بها إليه، تحقيقاً لقول الحق تبارك وتعالى لنبيه وعلى لسانه ـ {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} الأنعام ١٩ {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً} الأعراف ١٥٨ وهو معنى التعميم في آية البلاغ ـ {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} المائدة ٦٧ ـ بحذف المفعول، فمعناه ـ والله أعلم ـ بلغ كل من يمكن تبليغه.
وإذا كان مجال الدعوة بهذه السعة، وبخاصة في عصرنا الذي يسرت وسائل الاتصال فيه الوصول إلى كل شبر في أرض الله ـ تبين لنا حجم المال الذي لا بد منه للوفاء بمطالب دعوة جادة، تخرج الأمة من دائرة التقصير والتفريط في جنب الله في عالم ضاقت فيه المسافات وألغت الحواجز بين الدول والشعوب.
وثاني الأمرين ـ ما يلزم للدعوة من جهاز متكامل ينهض بها في داخل بلاد المسلمين وخارجها. جهاز تتوافر فيه المقومات والخصائص التي تناسب طبيعة الإسلام من تاحية. وتلائم طابع العصر من ناحية أخرى.
إن الله ـ عز وجل ـ يقول ـ {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} إبراهيم ٤.
لا بد للدعوة من لسان مشترك بين الداعي والمدعو، واللسان المشترك أوسع دلالة من مجرد معرفة لغة مشتركة بل لا بد من معرفة بما تحويه هذه اللغة من ثقافة المدعو وخصائص بيئته، وما يشكل موقفه من أفكار ومعتقدات وما يحكم تفكيره من عادات وتقاليد، لا بد للداعية من إلمام بها حتى يستطيع إحكام خطته في غزو الحصن من حيث يتمكن من فتحه بإذن الله.
ولا بد في خطاب البشر خطاباً ناجحاً من مراعاة طبيعة البشر العامة فيهم أولا، ومراعاة الخصائص الجنسية والعرقية ثانياً، ثم مراعاة الفروق الفردية في النهاية.
إن عقلية الإنسان هي نتاج تشكله عوامل كثيرة تختلف من شعب لآخر، ومن بيئة لأخرى ومن فرد لفرد.