تمكيناً متأصلا في أنفس الدعاة ومن الخطورة أن نقدم للناس دعاة يقولون ما لا يفعلون أو يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، أو ينهون عن المنكر ولا يتناهون هم عن فعله.
إن الداعية قدوة وشرط القدوة تطابق القول والعمل بعد استقامتها على نهج صحيح.
تربية الداعية دينياً، وتدريبه على تطبيق الإسلام في حياته عملياً، وتزكية نفسه بما يجعلها متأبية على الدنايا، وأخذه أخذاً بما يحصنه ضد فتنة المال وإغراءات الحياة ثم الترقي به ليعيش في المستوى ((التجرد)) لرسالته مطمئنا ومستعداً للتضحية في سبيلها بكل ما يستطيع.. هذه التربية ضرورية، ولازمة، وبدونها لا يكون هناك معنى للحديث عن دعوة ودعاة:{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ـ الأنعام ١٦٢. هذا ما ينبغي أن يكون شعار الدعاة.
هذا الجانب التربوي من الإعداد غائب تماماً الآن في بيئات إعداد الدعاة وكيف ننتظر داعية حقيقياً ألف أن تمر عليه مواقيت الصلاة وهو في قاعات الدرس مثلاً مع أساتذته العلماء دون أن يكون من حوله ما يوحي أن هناك التزاماً بقول الله تعالى:{إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} ـ النساء ١٠٣ ـ ويكفينا هذا المثال.
هذه التربية العملية للدعاة على قيم الإسلام ومثله وعلى شرائعه وشعائره، وعلى مفاهيمه وعقائده، لا يغني فيها التلقين ولا المعرفة النظرية، بل لا بد لاستكمال هذا الجانب الخطير من تغير جذري يمس فلسفة الإعداد. ويعدل من المناهج والأساليب، ولن يتم ذلك إلا بأن يتم الإعداد والدراسة والتربية من خلال حياة متكاملة، يتخلق كل العاملين في إطارها بخلق القرآن، ويلتزمون التزاماً كاملا بتطبيق الإسلام شعائر وآداباً وقيما وضوابط للسلوك بحيث يترجم ما يدرسه الطالب نظرياً إلى حياة وممارسة.
هل تصلح معاهد اعداد الدعاة الحالية لهذا اللون من التربية؟
بالقطع هي لا تفي بهذا، ولم تصمم مبانيها ومناهجها ولا فلسفاتها على هذا الأساس.
وهنا نقترح:
انشاء كلية ((للدعوة الإسلامية)) بتمويل إسلامي عام، ويختار لها الدارسون اختيار دقيقا من كل أنحاء العالم الإسلامي، من خلال نظام محكم للقبول لا يمر منه إلا من تتوافر فيه