تطالب بالعودة إلى الدين، هذا بينما هي في المجتمعات النامية ما زالت تأخذ صورة المد، ولم تنحسر بعد.
٥) وهناك تحد خطير، لأنه يمثل خميرة الشيطان في مجتمعات المسلمين لقد تمكن الملاحدة من الماركسيين وغيرهم في كثير من بلاد العالم الإسلامي من أن يكون لهم وجود منظم أو معترف به، في شكل أحزاب، أو تجمعات تمارس نشاطها علانية أو تحت الأرض.
هذه التجمعات الإلحادية تركز نشاطها على الشباب، وتستثمر الظروف الصعبة التي تعانيها بعض تلك المجتمعات، لحساب مبادئها الهدامة، وأغراضها المشبوهة وقد مكنها ما أضفى عليها من شرعية في بعض تلك البلدان من أن تستعلن، وتفصح عن مبادئها، وتدعو إليها جهاراً نهاراً.
وبعد فلعلنا نكون ـ بهذا التفاؤل الموجز ـ قد ألقينا ضوءا كافياً على ما يعترض الدعوة الإسلامية من مشكلات وما يعترض ((الدعاة)) من عقبات حرصنا على أن نضعها في أطرها العامة ليسهل التعرف عليها، والنفاذ إلى جذورها وأسبابها، بما يهيء السبل الصحيحة لعلاجها والخلاص منها.
إننا لو استطعنا تحقيق وتطبيق معطيات هذه الآيات الكريمة في محيط الدعوة الإسلامية ومجالاتها لكان لها من هذا التطبيق ما يخلصها من مشكلاتها، ويمنحها قوة دافعة تسرع بها نحو غايتها.
لنرفع قوله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} شعاراً لتجرد الدعوة والدعاة.
ولنرفع قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} عهداً بالتضحية والفداء.
ولنرفع قوله تعالى: {قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً} تذكرة بالاحتساب.
ولنتخذ من قوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} معياراً لما يجب أن يكون عليه الداعية تفقهاً في دين الله، ومعرفة بالطريق إليه.
ثم لنتخذ من قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} ، منهاجاً ودستوراً وأدباً يتخلق به الدعاة.
وأخيراً لنتخذ من قوله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} مناراً نطل منه على آفاق الدعوة التي يجب أن نبلغ بها إليها.
والله من وراء القصد موفق ومعين، له الحمد في الأولى والآخرة، وله الحكم وإليه ترجعون.