السماكين وبهم أيضاً تنحط أسهم قبائل، هاتها في السماء.
وقصة بني أنف الناقة معروفة، عندما احتقرتهم قبائل العرب وسبب تسميتهم بهذا الاسم، فإن أباهم كان لديه عدد من النسوة، لكل منهن أولاد منه، فعقر مرة ناقة وقسمها على كل أولاده ولم يبق سوى واحد حضر متأخراً ولم يكن لدى الأب سوى الرأس فأعطاها له فربطها الولد بحبل من أنفها، وجرها إلى بيت أمه، فسماه من رآه من الناس أنف الناقة فصارت هذه التسمية كنية له ثم لأولاده من بعده، إذ دعوا ببني أنف الناقة. وكثيراً ما تجر الأسماء على أصحابها العار بين قبائل العرب كما تعلمون، إلى أن جاءت وسيلة من وسائل الإعلام هي لسان شاعرنا، به قال بيتين في بني أنف الناقة فمحا عنهم العار والشنار وعلا ذكرهم بين الناس إذ قال:
سيري أمامي فإن الأكثرين حصى ... والأكرمون إذا ما أنسبوه أبا
قوم هم الأنف والأذناب غيرهم ... ومن يساوي بأنف الناقة الذنبا؟
وكان أهم ما يدور على ألسنة الشعراء والخطباء التغني بأمجاد القبائل وذكر مآثرها في الحروب، وفي صفات الشرف الرفيع، كالكرم والنجدة والشهامة والمروءة والإيثار.
وحينما تذم قبيلة فبما هو ضد لهذه الصفات النبيلة الخيرة، من جبن وخداع وخسة إلى غير ذلك من الصفات الرذيلة.
واستمر الأمر كذلك حتى شيوع الكتابة فأضيفت إلى ألسنة الشعراء والخطباء أقلام الكتاب وبدأ الناس يستعينون بالكتابة في نقل أفكارهم إلى جمهور الناس للتأثير فيهم وتوجيههم الوجهة التي يرونها..
ثم تأتي بعد ذلك الصحافة لتلعب دورها الفعال وتعمل عملها في عقول الناس خصوصاً وقد أخذت السياسة نصيبها في معركة الإعلام. والصحافة هي لسان حال السياسة ـ كما يقولون ـ تروج لمبادئها وتدعو لها.
وتمر الأيام وتأتي في بداية هذا القرن الأعاجيب باختراع التصوير أولاً، ثم الراديو ثانياً ثم في منتصف هذا القرن تقريباً يتم اختراع التلفزيون (التلفرة) كما يسمونه، فتتم بذلك فصول قصة الإعلام حتى عصرنا هذا، والله أعلم بما سيأتي بعد ذلك من أعاجيب.
والإعلام في جميع بلاد الدنيا ـ ما عدى غالبية البلاد الإسلامية ـ يسير وفق خط مرسوم ومنهج واضح بين، يخدم عقيدة من يسيره.