العلم ومكتشفاته التي غيرت وجه الحياة تغييرا ماديا ونفسيا فقامت مذاهب مادية أثرت في كثير من الناس، فتخففوا من جانب الروح، وأعطوا وجودهم للجسد، واستهلكوا أنفسهم في سبيل إرضاء مطالبه، فكان من نتيجة هذا أن خف ميزان الدين عند كثير من الناس، بل وأخلى الدين مكانه نهائياً من شعوب بأسرها، كما حدث في الشعوب التي خضعت للنظام الشيوعي، أما الشعوب الرأسملي فأصبحت تجري لاهثة وراء جمع المال بكل وسيلة وإرضاء مطالب الجسد.
وتولدت عن تلك المذاهب الفاسدة من شيوعية واشتراكية ورأسمالية نزعات فاسدة وفلسفات مريضة كالمادية والوجودية، وتسللت من مهاب تلك المذاهب ريح خبيثة إلى الأقطار الإسلامية أصابت مرضى العقول والقلوب من أبناء المسلمين بعدواها، فظهرت أعراضها على أعداد غير قليلة منهم، وخاصة أولئك الذين سافروا إلى أوربا وأمريكا ورأوا أن الدين لم يعد له سلطان هناك، وهو السلطان الذي يلازم الإنسان في سره وجهره في وحدته ومع الجماعة والذي لا يستريح إلى ظله إلا المؤمنون الذين تمتلئ قلوبهم بجلال الله، وخشيته والطمع في رحمته، والخوف من عذابه.
وقد ساعد على انتشار هذه المذاهب الضالة ورواج سوقها في العالم أنها دعوة إلى ما في الإنسان من ضعف إزاء شهواته وأهوائه، وما تلوح به من مغريات تتملق هذه الشهوات وتلك الأهواء من زخارف المدنية وألوان الحضارة، كل ذلك تنقله وسائل الإعلام من صحف ومجلات وكتب وإذاعات ومسرحيات وأفلام تعرض على شاشات السينما والتلفزيون صوراً حية شاخصة أمام الأعين متحركة ناطقة، فما يجري في أوربا وأمريكا على مسرح الحياة من هزل أوجد ينقل إلى العالم كله حتى لكأن ما يعيش في الشرق يعيش بين أمم الغرب، وأكثر ما يعلق بأذهان الشباب ومن هم في حكمهم من الكبار إنما هو الجانب الهازل اللاهي من الحياة دون الجاد منها، فالمسلمون في مختلف أقطارهم يواجهون في العصر الحديث غزواً رهيباً من وسائل الإعلام مجملاً بالدعوات الضالة المضللة، الفاسدة المفسدة، فينبغي أن يأخذوا حذرهم ويواجهوها بإعلام إسلامي، يذكر الغافلين، ويرشد الضالين إلى طريق الحق المبين.
والدعوة إلى دين الله ليست مقصورة على علماء الدين وحدهم وإن كان