وأخلاقه كالقردة المستبذلة المطرودة من حضرة الناس..",
ثم قال: وذهب الجمهور أيضا إلى أن معنى (كونوا قردة) أن صورهم مسخت فكانوا قردة حقيقيين، والآية ليست نصا فيه، ولم يبق إلا النقل، ولو صح لما كان في الآية عبرة ولا موعظة للعصاة؛ لأنهم يعلمون بالمشاهدة أن الله لا يمسخ كل عاص، فيخرجه عن نوع الإنسان، إذ ليس ذلك من سننه في خلقه، وإنما العبرة الكبرى في العلم بأن من سنن الله تعالى في الذين خلوا من قبل أن من يفسق عن أمر ربه، ويتنكب الصراط الذي شرعه له، ينزل عن رتبة الإنسان ويلتحق بعجماوات الحيوان، وسنة الله تعالى واحدة؛ فهو يعامل القرون الحاضرة بمثل ما عامل به القرون الخالية..
ثم يقول: "وحديث المسخ والتحويل، وأن أولئك قد تحولوا من أناس إلى قردة وخنازير، إنما قصد به التهويل والإغراب، فاختيار ما قاله مجاهد هو الأوفق بالعبرة، والأجدر بتحريك الفكرة..
ثم يقول:"إنه ليس في تفسير الآية حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم نص فيه على كون ما ذكر مسخا لصورهم وأجسادهم، وقد ذكر الحافظ ابن كثير في تفسيره قول مجاهد إن المسخ معنوي، وقول الآخرين إنه صوري، ثم قال: والصحيح أنه معنوي صوري، فما مراده بذلك؟! " ا?.
وما كان ينبغي لمثل الشيخ رشيد أن يغيب عنه مراد الحافظ ابن كثير؛ فالمسخ المعنوي هم مسخ قلوبهم لزيغهم عن الحق، والمسخ الصوري هو مسخ صورهم وأبدانهم، ليتطابق ظاهرهم مع باطنهم.
ولما عاد إلى تناول الموضوع في سورة الأعراف١ذكر الخلاف في المسخ أهو مسخ خلق وبدن، أم مسخ خلق ونفس؟ ثم قال:"فالأول قول الجمهور، والثاني قول مجاهد".