أشبه بمن يدب على الأرض من الإنسان في تعقله وعمله، وبما يجري فوقها من الدواب في حركاتها وأعمالها الأخرى، فهذا يشير له معنى قوله تعالى:{أَخْرَجْنَا لهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرْضِ} ، وهذه الدابة تبين للناس حقائق، وتدرس لهم حكمة وتريهم أنهم غافلون جاهلون ضالون، فيجلس أمامها أكبر الضالين، وأعظم الفاسقين وأشد الغافلين، ومن يدعي أنه ملك مقاليد العلم، وبرع في الحكمة الهادية، فيخر ساجدا لربه، خاضعا لخالقه، موقنا أن روحه ستبقى بعد موته، فهذا معنى تكلمهم.. الخ، وقرأ ابن مسعود:(تكلمهم بأن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون) ، وهذا هو الحاصل الآن بعينه، وهذه معجزة القرآن، وحكمة ثابتة للفرقان، فإن الآلاف المؤلفة من البشر اليوم في أنحاء العالم يوقنون إذا تحققوا مذهب الأرواح، وليس الإيمان بكاف، بل اليقين هو أكمل الإيمان، فتعجب من الآية، وانظر كيف كان هذا مظهرها، وهي مسألة ظهور الأرواح والقرآن يشير إليها.." ا?
ولما أحسّ الشيخ أنه أبعد النجعة عن الحقيقة، وسلك التعسف سبيلا إلى فهم الآية، عاد يقول: "إني لم أقل إن هذا هو المعنى، ولكن أقول: إنه رمز له١ وإشارة، فالآية باقية على ظاهر معناها ترمز إلى ما ذكرنا، فالدابة باقية على المعنى الأصلي، نكل علمها إلى الله تعالى٢، وتكون رمزا لهذا، فهذا قسم من أقسام الكناية في علم البيان٣، فاللفظ على حاله يشير لما اقترب منه كما وضحه الإمام الغزالي في قوله صلى الله عليه وسلم:"لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة"؛ فقد جعلهما على حالهما، ورمز بهما إلى الشهوة والغضب٤، فافهم فإذا فهمت هذا قطعت جهيزة قول كل خطيب، وقطع لسان كل معترض بعدك، فقد سدت في وجهه أبواب الجدال {وَكَفَى اللهُ المُؤْمِنِينَ القِتَال} "ا?.