للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال إبن عباس رضي الله عنهما: " كان في بني إسرائيل راهب متفرد في صومعته دهراً طويلاً، وكان ملك ذلك الزمان يأتيه صباحاً ومساء، وأنبت الله له فوق كرماً يأكل منه ما يشتهي، وإذا عطش مديده فيسكب فيها الماء.

فجاءت في بعض الأيام امرأة بديعة الحسن والجمال بعد العشاء ونادته: يا سيدي، بحق المعبود إلا ما بيتني عندك الليلة فإني أخشى على نفسي، ومكاني بعيد، فقال لها: اصعدي.

فلما صارت عنده رمت أثوابها وصارت عريانة، فغطى وجهه وقال لها: ويلك استتري، فقالت: والله لا بد أن أتمتع بك هذه الليلة، فقال الراهب لنفسه: ما تقولين؟ فقالت له: اتق الله واخش عذاب الآخرة فإني أخشى عليك من نار لا تطفأ وعذاب لا يفنى، ويغضب الله علينا فلا يرضى، ثم بعد ذلك راودته نفسه على الفعل، فقال لها: يا نفسي أعرض عليك ناراً صغيرة فإن صبرت متعتك. ثم قام وملأ السراج زيتاً وغلظ فتيلته، والمرأة تنظر إليه، ثم أدخل إصبعه في السراج، فصاح ملك من السماء أن أحرق، فاًحرق إبهامه ثم السبابة إلى أن انتهت النار إلى يده، فصاحت المرأة صيحة، فخرجت روحها فسرتها بأثوابها، ثم قام إلى مصلاه.

فلما أصبح الصباح، وقف إبليس على باب صومعته، وصرخ في المدينة: الراهب زنى بفلانة، وقتلها وهي عنده، فركب الملك بطائفته حتى جاء لصومعته وصاح به، فأجابه، فقال له:. أين فلانة؟ فقال: عندي، فقال له: قل لها تنزل، فقال: إنها ماتت، فقال له: قد رضيت بالزنا حتى قتلتها.

فهدموا صومعته ومسكوه، وجيء به إلى محل التلف، وكان من دأبهم نشر الزاني بالمنشار ويده ملفوفة في كمه، وهو لا يعلمهم ولا يحدثهم بقصته، فوضعوا المنشار على رأسه إلى أن بلغ إلى عنقه، فتأوه، فأوحى الله تعالى إلى جبريل عليه السلام: أن قل له أن تاًوه الثانية لأهد من السموات ولأخسفن بمن في الأرض، ولكن أنظر إلى صنع الله.

<<  <   >  >>