للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

رابعا/ إنّ المنصّر أمام ثلاثة حلول لا رابع لها:

١-لا يجتمع صلاح الباطن مع صلاح الظاهر.

٢-صلاح الظاهر ليس شرطًا لصلاح الباطن.

٣-صلاح الباطن شرط لصلاح الظاهر.

القول الأوّل يرفضه النصراني, ولا يقول به أشدّ الناس انحرافًا وفسادًا؛ إذ هو يعني أنّه لا بدّ أن تقع في الموبقات الأخلاقيّة؛ حتى تكون طاهر القلب من الخبائث!

القول الثاني لا يمكن أن يستقيم؛ لأنّه يشطر الكائن البشري إلى كيانين غير متمازجين ضرورة, وإنما قد يجتمعان وقد يفترقان.. فقد يكون الإنسان روحًا محلّقة في عالم الطهر, وجوارح غارقة في عالم الوحل..!! وإذا كانت الروح لا تغادر الجسد, وكانت الأحاسيس مرتبطة بالأفكار, وكان الفعل ناتجًا عن فكر ورغبة؛ فإنّه يغدو من السذاجة تصوّر النفس الإنسانيّة على أنها حزمة مشتتة متفرقة من الأفكار والأشواق والحوافز والأعمال, وأنّها لا تلتقي؛ لأنّها كيانات متباعدة متنافرة!

ولم يبق عندها إلا القول الثالث؛ وهو قول المسلمين الذي يقرّر التلازم بين الظاهر والباطن, والعلاقة الديالكتيكيّة بين داخل الإنسان وظاهره, وأنّه من الخطأ المحض الظنّ أنّ الإنسان قد يعيش بقلبه في عالم وبجسده في آخر؛ إذ العقل والواقع ينفيان الزعم بإمكانيّة أن يكون قلب المرء قطعة من نور, وجسده متمرّغًا في حمأة الفساد؛ ومادام الأمر محالاً؛ فإنّه لا بدّ من ستر ما يثير عوامل الإثارة عند الرجال والنساء؛ من عري يكشف اللحم الحرام, وملابس ضيّقة تكشف تفاصيل القوام, مع تطهير القلب من المحفّزات للمعصية ودواعي الفتنة؛ باستحضار علم الله بالمظهر والمخبر, والسرّ وأخفى, وتذكير النفس بما أخبر به الوحي من ثواب على الإحسان, وعقاب على الإفساد.

خامسا/ لماذا تكون المرأة المحجّبة التي تعصي ربّها في الخلوات, حجّة على الحجاب؟!!

<<  <   >  >>